هل السلفية انقسمت على نفسها ؟ مقال للشيخ الجهني

بسم الله الرحمن الرحيم وعليه نتوكل وبه نستعين والصلاة والسلام علىخاتم الأنبياء والمرسلين
فهذا مقال طيب للشيخ / عبدالحميد الجهني بعنوان :
وربما صحت الأجسام بالعلل
هل السلفية انقسمت على نفسها ؟
كذا قال بعض خصومها مظهرين الشماتة بما حصل بين بعض المنتسبين للمنهج السلفي من لغط كبير حول بعض القضايا أدى ذلك إلى تراشق وتبادل للتهم و إسفاف كبير وقع فيه بعضهم ، وقد كانت الأخلاق والمروءة خطا فاصلا وحاجزا عن الوقوع في هوة الإسفاف والبذاءة ولكن ما أبقت ( الإنترنت ) فواصل و لا حواجز وقد صاحب ذلك شيىء كبير من حب الرياسة و العلو في الأرض و أصبح الواحد من هولاء يناطح صاحبه على الغلبة ولو بالباطل ثم يطير فرحا إن وقع خصمه فى زلة ولو كانت حبة ليجعل هو منها قبة يبني عليها القصور والعلالي ، ولعل بعضهم يخيل إليه وهو في قمة المهاترة مع خصومه أنه في موقع ابن تيمية في رده على الرافضة أو فى موقع المعلمي في رده على زاهد الكوثري 0 فأي غرور بلغه هولاء ؟ حتى غدوا عارا على المنهج الذي كانوا ينتسبون إليه فشمتوا في السلفية كل متردية ونطيحة وغوية ! حتى قال قائل من أهل الأهواء : إن السلفية انقسمت على نفسها !
ألا فليعلم هذا الشامت ومن كان على شاكلته أن السلفية ما انقسمت ولن تنقسم بإذن الله وأن السلفيين في جميع أنحاء العالم هم أمة واحدة اجتمعوا على الحق ولم يختلفوا عليه كما اختلف غيرهم ! وكيف ينقسم السلفيون وهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة التى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها وبشر بها وأخبر أنها لا تزال على الحق ظاهرة لا يضرها من خذلها ولا من خالفها إلى قيام الساعة 0
لكن الذي ينبغي أن يفهمه الجميع أن الدعوة السلفية دعوة صححية لا تبقي على مرض بين جوانحها بل سرعان ما ترفضه وتلفظه فهي كالمدنية تنفى خبثها أو كروضة غناء لا تنبت فيها إلا النباتات الطيبة فلو نبتت في تربتها حشائش سامة أونباتات خبيثة أبادتها وأفنتها وألقت بها في الخارج 0
وهكذا الدعوة السلفية ينتسب إليها في كل عصر أو يدخل فيها بعض من عنده أصول فاسدة أو بقايا لأهواء وأفكار بالية أو غلو مفرط لا يبقي ولايذر ! ثم يريد هولاء أن تسير الدعوة السلفية بحسب أصولهم وأفكارهم ،وكيثر من هولاء يفعل ذلك ويظهره اذا تمكن وصار له شأن وأتباع من السلفيين فإذا ما انشق مثل هذا وفارق المنهج السلفي أظهر الخلل في صفوف السلفيين لكثرة من يتبعه من الغاوين والله المستعان !
فالسلفية لا تجمع الناس على علاتهم كما تفعل الجماعات الحزبية ، فإن هولاء الحزبيين يغضون الطرف عن رموزهم وشيوخهم ولو خالفوا أصول الإسلام ! وربما التمسوا لهم المعاذير والمسوغات حفاظا منهم على وحدة الحزب فصار الحب والبغض عندهم فى الحزب وليس فى الله !
أما الدعوة السلفية فمن خالف منهجها الأثري أو أصولها الشرعية وقواعدها المرعية نبذته ولو كان علامة زمانه ! مالم يتب الى الله ويقلع عن غيه وشقاقه وقد كنت أدركت من نحو خمس عشرة سنة فتنة المدعو محمود الحداد وكان هذا الرجل مقيما بالمدنية ، وأحمد الله أنى لم أره ولم اجتمع به مع كثرة ترددي فى تلك الفترة على المدنية وكثرة مكوثي بها ، وقد كان هذا الحداد معدودا في السلفيين وكان له موقف صارم جدا يصل إلى حد الغلو ضد من كانوا يعرفون فى ذلك الوقت بمشايخ الصحوة وهم دعاة السرورية في البلاد السعودية 0 وقد حدثني أحد طلبة العلم بالمدنية في تلك الفترة أنه سأل محمودا الحداد وهو خارج من المسجد النبوي : هل أستمع يا شيخ لفلان ؟ ( أحد مشاهير دعاة القطبيين ) فقال الحداد :اسمع لفلانة (مطربة مشهورة ! ) ولاتسمع له !
ومازال هذا الحداد ومعه مريدون من الشباب ينتقلون من خطوة الى خطوة في طريق التطرف ومن درجة إلى درجة في سلم الغلو حتى وصلوا إلى درجة مفرطة نفد معها صبر المشايخ السلفيين على هذا الحداد ومن معه من المريدين فانهالت الضربات على الحداد وأتباعه من كل ناحية حتى صاروا أثرا بعد عين ، نعم ، بقي للحداد ذنب في بعض المدن لكنه ذنب مقطوع لا يتحرك الا في مكانه ! ولو أن فتنة الحدادية أدركت (الانترنت ) لسمعنا وسمع العالم من الكذب والبهت والتزوير ما يملأ الأرض والسماء فالحمد لله أنها خمدت من وقت بعيد غير أن فتنا أخرى ظهرت بعد ذلك على أيدى حداديين آخرين سمع الناس فيها ما يندى له الجبين !
والمقصود أن السلفية ستبقي قائمة متماسكة بإذن الله ، وأن ما يسمعه الناس أو يشاهدونه هو جلبة حداد جديد نفته السلفية إلى مكان بعيد، كما تنفي النار خبث الحديد 0
قال الله تعالى في المحنة التي حصلت فى معركة أحد والبلبلة التي أحدثها المنافقون في صفوف الجيش الإسلامي :( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وان تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ) قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفسير هذه الآية الكريمة : أي : ما كان في حكمة الله أن يترك المؤمنين علي ما أنتم عليه من الاختلاط وعدم التميز ، حتى يميز الخبيث من الطيب ، والمؤمن من المنافق ، والصادق من الكاذب 0
ولم يكن في حكمته أيضا أن يطلع عباده على الغيب الذي يعلمه من عباده ، فاقتضت حكمته الباهرة أن يبتلى عباده ، ويفتنهم بما به يتميز الخبيث من الطيب ، من أنواع الابتلاء والامتحان 0 انتهى المراد منه 0
وهكذا في كل فتنه تقع ، تتميز فيها الصفوف وتظهر أشياء كانت خافية على كثير من المنتسبين الى المنهج السلفي ، كان في ظهورها فائدة لهم ، ولولا المحنة لكانوا في عماء عنها فالحمد لله الذي لا يقع في قضائه شر محض ، فكم من فتنة عصفت بالسلفيين خصوصا أو بالمسلمين عموما ، تحققت بها مصالح واندفعت بها مفاسد ، ولو تفكر الإنسان لرأي من ذلك ما يبهر العقول في قديم الدهر وحديثه ولو لم يكن من ذلك إلا ما ذكر الله في سورة آل عمران حول ما وقع للمؤمنين من الامتحان و البلاء في معركة أحد لكان عظة ودرسا للمؤمنين 0 والحمد لله رب العالمين 0
ولا يفهمن أحد من كلامنا هذا أننا نستشرف للفتن ونفرح بها معاذ الله ! بل نسأل الله العافية 0 فإن السعيد من جنب الفتن كما جاء في الحديث بيد أن البلاء تكون بعده العافية بإذن الله
كما قيل :
لعل عتبك محمود عواقبه فربما صحت الأجسام با لعلل
الاثنين 18/5/1428
http://abumalik.net/topic.html

مقال رائع بارك الله فيك