- حب الوطن عند أهل الإسلام يختلف عن حب الوطن عن غيرهم، فأهل الإسلام يحبون أوطانهم لانها مكائد لاعلاء دين الله تعالى والقيام بالشرائع الواجبة والمستحبة، فهذه الأرض حتم في الإسلام حفظها والذود عنها، ليس بالكلمة المسموعة أو العبارات المكتوبة فحسب، بل بالدم والمال ان احتاج الأمر، كل ذلك يؤكد ان الكلمة المشهورة "حب الوطن من الايمان" صحيحة المعنى بهذا الاعتبار، وقد نص العلامة السخاوي وغيره على ان معناها صحيح وان لم يصح نسبتها إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصور ان رجلا أو قوماً اخرجوا من ديارهم، أو ان بلادهم ملأها الهرج والمرج والفتن، كيف حالهم؟.. لا ريب ان حياتهم في ضيق شديد، وان نفوسهم في قلق وخوف، وهذه حقائق لا تحتاج إلى قوة استدلال، لأن الواقع ينطق بهذه المفاسد، ويفصح عنها. فلم يبق سوى الوعي الكامل من داخل الإنسان بضرورة الحفاظ على بلده والحب لئلا ينقلب إلى جحيم.
ومما لا ريب فيه ان كل امرئ صحيح الفطرة سليم التفكير يجد محبَّة في قلبه لبلاده، يشتاق اليها ان غاب عنها، وينتصر لها ان أسيء اليها، وهذا علامة خير في المرء، كما قال بعض السلف، وعلامة العاقل برُّه باخوانه، وحنينه إلى أوطانه، ومداراته لأهل زمانه، وكلُّ من خرج عن حب الوطن الذي يعمره أهل الإسلام؛ فانه يحتمل خطاً عظيماً ويرتكب جريمة شنيعة.
وقد بينت هذه المعاني بتفصيل في شريط لي باسم "بلادنا والحملات الإعلامية الحاقدة".