--------------------------------------------------------------------------------
قال العلامة مفتي الأنام في مدينة السلام، أبو الثناء شهاب الدين الألوسي تغمده الله تعالى برحمته، في تفسيره "روح المعاني" في باب الإشارة ما نصه: "وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر" الآية، فيه إشارة إلى ذم المتصوفة الذين إذا سمعوا الآيات الرادة عليهم ظهر عليهم التجهم والبسور، وهم في زماننا كثيرون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا}. الآية إشارة إلى ذم الغالين في أولياء الله تعالى، حيث يستغيثون بهم في الشدة؛ غافلين عن الله تعالى، وينذرون لهم النذور، والعقلاء منهم يقولون: إنهم وسائلنا إلى الله تعالى، وإنما ننذر لله عز وجل ونجعل ثوابه للولي.
ولا يخفى أنهم في دعواهم الأولى أشبه الناس بعبدة الأصنام القائلين: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. ودعواهم الثانية لا بأس بها لو لم يطلبوا منهم بذلك شفاء مريضهم، أو رد غائبهم، أو نحو ذلك، والظاهر من حالهم الطلب، ويرشدنا إلى
ذلك أنه لو قيل: انذروا لله تعالى، واجعلوا ثوابه لوالديكم، فإنهم أحوج من أولئك الأولياء، لم يفعلوا.
ورأيت كثيراً منهم يسجد على أعتاب حجر قبور الأولياء، ومنهم من يثبت التصرف لهم جميعاً في قبورهم، لكنهم يتفاوتون فيه حسب تفاوت مراتبهم، والعلماء منهم يحصرون التصرف في القبور في أربعة أو خمسة، وإذا طولبوا بالدليل قالوا: ثبت ذلك بالكشف، قاتلهم الله تعالى، ما أجهلهم، وأكثر افتراءهم.
ومنهم من يزعم أنهم يخرجون من القبور، ويتشكلون بأشكال مختلفة، وعلماؤهم يقولون: إنما تظهر أرواحهم متشكلة، وتطوف حيث شاءت، وربما تشكلت بصورة أسد أو غزال، أو نحوه، وكل ذلك باطل لا أصل له، في الكتاب، والسنة، وكلام سلف الأمة، وقد أفسد هؤلاء على الناس دينهم، وصاروا ضحكة لأهل الأديان المنسوخة، من اليهود والنصارى، وكذا لأهل النحل والدهرية، نسأل الله تعالى العفو والعافية. انتهى. الفقير/ أحمد شهاب الدين.