هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو نعيم إحسان
نائب المشرف العام
نائب المشرف العام
أبو نعيم إحسان


عدد الرسائل : 629
Loisirs : العلوم الشرعية
تاريخ التسجيل : 19/04/2007

" الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -   " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Icon_minitimeالسبت مايو 26, 2007 1:42 am

بسم الله الرحمن الرحيم


الاعتصــــــــــــام


النوع الأول: الاعتصام بالله:



قال تعالى: {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم} (آل عمران)،

وقال تعالى: {واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير} (الحج).

قال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين ( 1/462): (وأما الاعتصام به فهو التوكل عليه والامتناع به والاحتماء به

وسؤاله أن يحمي العبد ويمنعه ويعصمه ويدفع عنه... فيدفع عن عبده المؤمن إذا اعتصم به كل سبب يفضي به إلى

العطب ويحميه منه فيدفع عنه الشبهات والشهوات وكيد عدوه الظاهر والباطن وشر نفسه ويدفع عنه موجب أسباب

الشر بعد انعقادهابحسب قوة الاعتصام به وتمكنه... فيدفع عنه قدره بقدره وإرادته بإرادته ويعيذه به منه). قلت: وهذا

كلام في غاية الأهمية نفعنا الله به.


النوع الثاني: الاعتصام بحبله

قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}

والاعتصام بحبل الله معناه: التمسك بما يعصمك ويمنعك من المحذور والمخوف , فالاعتصام بحبل الله يوجب الهداية

واتباع الدليل الشرعي ويمنع من الضلال والشقاء , قال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} (طه)

فقوله تعالى: {فلا يضل} لفظ يشمل النجاة من أي نوع من أنواع الضلال , وقوله تعالى: {ولا يشقى} أيضا لفظ

يشمل عدم الشقاء في الدنيا ولا في الآخرة.

قال ابن عباس: (ضمن الله لمن تبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ثم تلا الآية) أخرجه ابن أبي

شيبة في المصنف وسنده حسن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وعامة هذه الضلالات إنما تطرق من لم يعتصم بالكتاب والسنة, كما كان

الزهري يقول: كان علماؤنا يقولون الاعتصام بالسنة هو النجاة). وقال مالك: (السنة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن

تخلف عنها غرق وهوى)

وقال رحمه الله: (والدنيا كلها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أشرقت عليه شمس الرسالة وأسس بنيانه عليها ولا بقاء

لأهل الأرض إلا ما دامت آثار الرسل موجودة فيهم فإذا درست آثار الرسل من الأرض وانمحت بالكلية خرب الله العالم

العلوي والسفلي وأقام القيامة)


النوع الثالث: حقيقة الاعتصام بشرع الله:



الاعتصام بحبل الله يتحقق بثلاثة أشياء لا بد منها:

الأولى: قبول القرآن كله سوره وآياته وحروفه وقبول كلما صح عن رسولنا صلى الله عليه وسلم إذ أن كثيرا من

الفرق الضالة تقبل بعضا من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وترفض البعض الآخر بدعوى عدم التواتر

وغير ذلك، ناهيك عمن لا يرى الاحتجاج بالسنة بالكلية كالفرقة القرآنية الضالة, فمتى قبل المسلم القرآن كله وما صح

من السنة كلها فقد تحقق لديه الإيمان بحفظ الله لكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجرات)، والذكر يشمل القرآن الكريم والسنة المطهرة

فألفاظهما محفوظة بحفظ الله من أنواع التحريف والتبديل والزيادة والنقص.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن الناس عليهم أن يجعلوا كلام الله ورسوله هو الأصل المتبع والإمام المقتدى

به سواء علموا معناه أو لم يعلموه فيؤمنون بلفظ النصوص ولو لم يعرفوا حقيقة معناها وأما ما سوى كلام الله فلا

يجوز أن يجعل أصلا بحال)

الثانية: ارتباط فهم الخلف للقرآن وارتباط فهمهم للسنة النبوية بفهم السلف الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان

لأن الصحابة قد شاهدوا الوحي وعلموا مقاصد التشريع وتربوا على ذلك.

الثالثة: عمل الخلف بمقتضى ما عمل به السلف لأن الله أمرنا باتباع الصحابة قال تعالى: {ومن يشاق الرسول من

بعد ما تبين لهم الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} (النساء)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عند هذه الآية: (وقد شهد الله لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان

بالإيمان فعلم قطعا أنهم المراد بالآية الكريمة)

والأدلة على وجوب اتباع الصحابة كثيرة اتباعا للقرآن والسنة وبالوجوب قال مالك وأحمد والشافعي وأبو حنيفة وعامة

علماء الحديث قديما وحديثا , وهذه المرتبة أخص من المرتبة الثانية وعامة ضلال أهل البدع والتحزب بسبب تركهم

لهذه المرتبة ولو اجتهدوا في الالتزام بالمرتبتين السابقتين دون عمل بالمرتبة الثالثة لما سلموا من الانحرافات وبقدر ما

تركوا من المرتبة الثالثة يكون ضلالهم وزيغهم وبهذه الثلاث المراتب يحصل الائتلاف التام بين المعتصمين بحبل الله.

قال العلامة الشاطبي في قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}: (فبين أن التأليف إنما يحصل عند

الائتلاف على التعلق بمعنى واحد وأما إذا تعلق كل شيعة بحبل غير ما تعلقت به الأخرى فلا بد من التفرق وهو معنى

قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)ا.هـ

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة ص (59): (والأساس الذي تبنى عليه الجماعة هم أصحاب محمد صلى الله

عليه وسلم وهم أهل السنة والجماعة فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل).

وبالقيام بالمراتب الثلاث والتسليم يتحقق للمؤمن أنه قد آمن إيمانا تاما بكمال الشريعة المحمدية من جميع الوجوه التي

قال الله فيها: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (المائدة)، قال الإمام ابن القيم:

(فقد أكمل الله لنا الدين فيما أمرنا به من فريضة وفضيلة وندب وكل سبب ينال به صلاح القلب والدين وفيما نهانا عنه

من كل مكروه ومحرم وكل سبب يؤثر فسادا في القلب والدين)ا.هـ

وقال أيضا: تأمل كيف وصف الدين الذي اختاره لهم بالكمال... إيذانا في الدين بأنه لا نقص ولا عيب ولا خلل ولا

شيء خارجا عن الحكمة بوجه)

دواعي ارتباط الخلف بالسلف:


لقد سبق أن السلف هم الصحابة وهم الذين تواترت الأدلة الشرعية على وجوب اتباعهم وليس هذا محل سردها ولكن

سأذكر بعضا من خصائصهم الشرعية وهي كالآتي

1- خصوا بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم


وهي منزلة لا ينالها غيرهم من بعدهم لما روى الإمام البخاري (3673) ومسلم (2541) عن أبي سعيد الخدري

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا

نصيفه)) فشرف الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان مؤمنا لا ينالها من جاء بجميع أنواع العبادات لأن

المصاحب للرسول يؤدى هذه العبادات مع اختصاصه بصحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يتكلم عن شرف الصحبة: (وهذه الخاصية لا تثبت لأحد غير الصحابة ولو

كانت أعمالهم أكثر من أعمال الواحد من أصحابه صلى الله عليه وسلم )

2- خصوا بحفظ الله لمنهجهم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((... فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء

الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ...)) فيفهم من هذا الحديث أنه لا يمكن أن

يردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سنة الصحابة وهي غير محفوظة بل لابد أن تكون محفوظة ومما يدل على

حفظها قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم

حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)) وهو متواتر، وظاهر هذا الحديث أن منهج الصحابة محفوظ لأن بقاء أهل السنة

على ما كان عليه الصحابة على مر العصور إلى قيام الساعة إنما كان بحفظ ما كان عليه الصحابة قال شيخ الإسلام

ابن تيمية رحمه الله: (والإجماع متفق عليه بين عامة المسلمين من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث والكلام وغيرهم في

الجملة وأنكره بعض أهل البدع من المعتزلة والشيعة لكن المعلوم منه هو ما كان عليه الصحابة وأما بعد ذلك فمتعذر

العلم به غالبا) ومن أصول أهل السنة والجماعة اتباع السلف كما ذكره أحمد بن حنبل في أصوله وقد صحت نسبة

هذه النسخة إليه.

3- خصوا بأنهم أمنة لأمة الإسلام من أنواع الضلال

روى مسلم (16/67-68 ) رقم 2531 من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم : ((... وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت جاء أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب

أصحابي جاء أمتي ما توعد)) وهذا الحديث فيه علم من أعلام النبوة حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن

شيء يكون بعد مماته فوقع كما أخبر فلقد قام الصحابة بالدفاع عن الإسلام خير قيام فدافعوا عنه من كيد العدو الداخلي

والخارجي فقد قام أبو بكر ومن معه من الصحابة بمواجهة المرتدين ومانعي الزكاة حتى عادوا إلى الإسلام وقام أيضا

ومعه الصحابة الكرام بالمواجهة للعدو الخارجي وقام عمر ومعه من الصحابة بنشر الإسلام خارج الجزيرة العربية مما

أدى إلى سقوط دولتي الفرس والروم واستمر الأمر كذلك في عهد عثمان وقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه

بمواجهة أهل البدع الخوارج – والسبئية- فقاتلهم حتى كفى المسلمون شرهم فمن ذا الذي في أي عصر من العصور

قام بما قام به الصحابة في فترة قصيرة جدا قهروا دولا وأنقذوا أمما من الكفر ، فدل هذا على أنهم أئمة الهدى ورعاة

الحق وحملة الإسلام وحراس الشريعة الإسلامية رضي الله عنهم فهذا الذي ذكرته مصداق لقوله عليه الصلاة والسلام:

((وأصحابي أمنة لأمتي)) ولا يخفى على من له اطلاع بأحوال المسلمين بعد موت الصحابة ما ظهر من البدع

والضلالات بعد موتهم وكل يوم وهي إلى الانتشار والازدياد ولا حول ولا قوة إلا بالله.

4- خصوا بالعربية السليقة الفصحى التي نزل بها القرآن

فقد كان السلف يتكلمون بالعربية الفصحى وقد نزل القرآن بلغتهم وأرسل الرسول منهم فهم بذلك أسرع الناس فهما

للقرآن وأعظم إدراكا لمعانيه أما من جاء من بعد السلف فهو يتعلم اللغة العربية تعلما ويقترب منها شيئا فشيئا فانظر كم

الفارق بينه وبين السلف.

5- شهودهم نزول الوحي من أسباب ووقائع وتشريعات فلا يشاركهم أحد في هذا

وبسبب هذا كانوا أسد فهما وأغزر علما وأعظم إدراكا لأن الذي شاهد حادثا من الأحداث يكون عنده من حقيقة ذلك

الحادث ما ليس عند من بلغته الأخبار فقط ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الخبر كالمعاينة))

6- إقتداؤهم بالرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة معاينة في كل أحواله


فنالوا عنه العلم بالحق والعمل به من إخلاص وصدق وثبات وشجاعة وتوكل على الله وثقة به وتسليم لحكمه ورضىً

بشرعه وإنفاقا للغالي والرخيص في سبيل هذا الدين وعرفوا مواقف الرسول في الحرب والسلم والسراء والضراء

والولاء والبراء فبلغوا مرتبة عالية بسبب هذا الاقتداء المبارك الذي لا يشاركهم فيه أحد ممن جاء بعدهم.

7- تربيتهم كانت مباشرة من رسول الله ,

فالرسول أعطي الخير كله فهو أنصح الناس للناس وأرحم الناس بالناس وأحرص الخلق على الخلق وأصبر الأنبياء

على أمته قال الله فيه {وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم)، وانظر إلى تعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم عند

حصول الخطأ كما جرى في غزوة أحد وغزوة المريسيع وغزوة حنين وغير ذلك فلا يشاركهم أحد في هذه التربية

الإلهية والنبوية فهنيئا لهم.

8- تقديمهم الحق على غيره

لقد كان الصحابة يدورون مع الحق حيث دار قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن الهدى يدور مع الرسول ويدور مع

أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا) وقال ملخصا ما كان عليه الصحابة: (فهم أكمل الناس عقلا وأعدلهم قياسا

وأصوبهم رأيا وأسدهم كلاما وأصحهم نظرا وأهداهم استدلالا وأقومهم جدالا وأتمهم فراسة وأصدقهم إلهاما وأحدهم

بصرا ومكاشفة وأصوبهم سمعا ومخاطبة وأعظمهم وأحسنهم وجدا وذوقا)

وقال أيضا: (ومن آتاه الله علما وإيمانا علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هو دون تحقيق السلف لا

في العلم ولا في العمل)

وقال الشافعي: (هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل وكل سبب ينال به علما أو يدرك به هدى ورأيهم لنا خير من

رأينا لأنفسنا)

قلت: ما أحسن هذا القول ويدل عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني ...))

فهذه الدواعي كافية في بيان أن الله ما أوجب علينا اتباع الصحابة إلا لما لهم من خصائص عظيمة وجب على

المسلمين اعتبارها وحرام إسقاطها كما فعل أهل البدع والضلالات بلسان مقالهم أوحالهم.

والرجوع إلى ماكان عليه السلف الصالح يعني الرجوع إلى ما كانوا عليه من علم وعمل في عقيدتهم وعبادتهم

ومعاملتهم وأخلاقهم وسياستهم فما أجمعوا عليه وجب قبوله وما اختلفوا فيه نظر فيه وأخذ بالراجح، قال الإمام الشافعي

رحمه الله لما قيل له: أرأيت أقاويل الصحابة إذا تفرقوا فيها، فقال: (نصير منها إلى ما وافق الكتاب أوالسنة أو

الإجماع أو كان أصح في القياس)

.......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو نعيم إحسان
نائب المشرف العام
نائب المشرف العام
أبو نعيم إحسان


عدد الرسائل : 629
Loisirs : العلوم الشرعية
تاريخ التسجيل : 19/04/2007

" الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -   " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Icon_minitimeالسبت مايو 26, 2007 1:54 am

تفاصيل الاعتصام بالله وبحبله


إن الاعتصام بدين الله يتحقق في المسلم بأمور عظيمة جليلة نذكر منها ما يأتي:

1- الاهتمام بتعلم العلم الشرعي


الأمة الإسلامية أمة رسالة ربانية وشريعة إلهية خلق الله البشر من أجل تعلمها وتعليمها قال

تعالى: {الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل

شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما}

الطلاق، ولا قدرة للأمة على العمل بشيء من هذه الرسالة إلا بعد التعلم ولهذا قال تعالى:

{فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك}.

قال البخاري رحمه الله في (كتاب العلم) (1/210) : (باب : العلم قبل العمل). واستدل بهذه

الآية فيجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ما أوجب الله عليهم أن يعملوا به وإلا كان عملهم مشتملا

على مالم يشرعه الله فما أشد الحاجة إلى العلم النافع قال الإمام أحمد: " الناس يحتاجون إلى

العلم مثل الخبز والماء ، لأن العلم يحتاج إليه في كل ساعة ، والخبز والماء في كل يوم "

وإذا أردت أن تزداد معرفة بعظمة تعلم الكتاب والسنة وخطر الجهل فدونك كلام الإمام ابن القيم

في مفتاح دار السعادة (1/381-382) قال: (إن كل صفة مدح الله بها العبد في القرآن فهي

ثمرة العلم ونتيجته وكل ذم ذمه فهو ثمرة الجهل ونتيجته فمدحه بالإيمان وهو رأس العلم ولبه

ومدحه بالعمل الصالح الذي هو ثمرة العلم النافع ومدحه بالشكر والصبر والمسارعة في الخيرات

والحب له والخوف منه والرجاء والإنابة والحلم والوقار واللب والعقل والعفة والكرم والإيثار

على النفس والنصيحة لعباده والرحمة بهم والرأفة وخفض الجناح والعفو عن مسيئهم والصفح عن

جانيهم وبذل الإحسان لكافتهم ودفع السيئة بالحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر

في مواطن الصبر والرضا واللين للأولياء والشدة على الأعدا ، والصدق في الوعد بالقضاء

والوفاء بالعهد والإعراض عن الجاهلين والقبول من الناصحين واليقين والتوكل والطمأنينة

والسكينة والتواصل والتعاطف والعدل في الأقوال والأفعال والأخلاق والقوة في أمره والبصيرة

في دينه والقيام بأداء حقه واستخراجه من المانعين له والدعوة إليه وإلى مرضاته وجنته والتحذير

عن سبل أهل الضلال وتبيين طرق الغي وحال سالكيها والتواصي بالحق والتواصي بالصبر

والحض على طعام المسكين وبر الوالدين وصلة الأرحام وبذل السلام لكافة المؤمنين... إلى

سائر الأخلاق المحمودة والأفعال المرضية... فهذه الأخلاق ونحوها ثمرة شجرة العلم)ا.هـ

والعلم الشرعي الذي ندعو إليه على قسمين قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما العلم فيراد به في

الأصل نوعان:

أحدهما: العلم به نفسه وبما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام وما دلت عليه أسماؤه

الحسنى، وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة... والنوع الثاني يراد بالعلم

بالله العلم بالأحكام الشرعية... لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ما بال أقوام يتنـزهون عن

أشياء أترخص فيها والله إني لأعلمكم بالله وأخشاكم له)) فجعل العلم به هو العلم بحدوده). اهـ .

2- تلقي العلم الشرعي على أيدي علماء الإسلام والرجوع إليهم

لقد جعل الله سبحانه وظيفة رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم تعليم ما أنزل الله عليه

من الوحي قال تعالى {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم

الكتاب والحكمة} (الجمعة)، وعلماء السنة هم خلفاؤه وورثة علمه فلهم النصيب الأكبر من وظيفة

رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن

اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} (يوسف) وقال الله مبينا حفظ العلماء لكلامه {بل هو

آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} (العنكبوت) فهذا من وظيفتهم، ومن وظيفتهم: الفهم

السديد للوحي الإلهي قال تعالى: {وما يعقلها إلى العاملون}وقال: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي

أنزل إليك من ربك هو الحق} (سبأ). ومن وضيفتهم تبيين الحق للناس قال تعالى: {وإذ أخذ


الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} (آل عمران) ومن وظيفتهم الدعوة إلى

الإسلام كله قال تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن

المنكر} (آل عمران) فقوله تعالى {يدعون إلى الخير} يشمل عموم الخير وقد جعل الله مفزع

الناس إلى العلماء قال تعالى {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (النحل) فكل من على وجه

البسيطة مفتقر إلى علم علماء أهل السنة وكل الناس معرَّضون لأن يكونوا أتباع شياطين الجن

والإنس إلا من رجع إلى علماء الإسلام قال تعالى {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا

به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله

عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} (النساء) فالرجوع إلى علماء الملة المحمدية خصوصا

عند الفتن منّة من الله وفضل ، وحاجة الناس للعلماء كحاجتهم للإسلام ولله در الإمام ابن القيم

حيث قال: (وأما العلماء بالله وأمره فهم حياة الوجود وروحه ولا نستغني عنهم طرفة عين فحاجة

القلب إلى العلم ليست كالحاجة إلى التنفس في الهوى بل أعظم ...)

وقال أيضا في كتابه الصواعق 3/ 828 وهو يتحدث عن دخول العلماء في هذه الآية : (وقد

وكلهم بذلك فقال تعالى: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين} (الأنعام)، فيا

لها من وكالة أو جبت طاعتهم والانتهاء إلى أمرهم وكون الناس تبعا لهم).

قلت: والآية هذه وردت في معرض ذكر الأنبياء ومدحهم فيدخل فيها خلفاؤهم وأتباعهم الذين هم

في الرتبة الثانية وهي الصديقية وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد: (وتأمل سرا عظيما في أن

ترقي الأمة أو انحطاطها وانضباطها أو فشلها يؤول إلى ركن ركين وأصل أصيل قوة أو ضعفا

اجتماعا أو تفرقا إلى رابطة العلماء... واجعل نظرك إلى مدى قيام رابطة العلماء مقياسا تقيس به

الدول وتزن به الأمم في من غبر وحضر، والعالم العدل هو المحتسب الذي لا يحترف بالإسلام

ولا تثنيه الأطماع)

والعالم الذي ندعو إلى تلقي العلم على يديه هو من اجتمعت فيه ثلاثة أمور: صحة المعتقد، سلامة

المنهج، حسن المقصد، وما سوى ذلك فلا حاجة لك فيه.

3- العمل بالعلم الشرعي:


لقد خلقنا الله للعمل بشرعه قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس الإ ليعبدون( والعلم الشرعي

داع إلى كل عمل صالح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما العمل فإن العمل بموجب العلم يثبته ويقرره ومخالفته تضعفه

بل قد تذهبه... قال تعالى: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا)ا.هـ

وقال الإمام ابن القيم إن العلم إمام العمل وقائد له والعمل تابع له ومؤتم به فكل عمل لا يكون

خلف العلم مقتديا به فهو غير نافع لصاحبه بل مضرة عليه 000)

ولا كمال للعبد إلا بإصلاحه القوة العلمية والعملية قال العلامة ابن القيم في "مفتاح دار السعادة"

1/238: (... المراتب أربع وباستكمالها يحصل للشخص غاية كماله.أحدهما: معرفة الحق.

الثانية: عمل به. الثالثة: تعليمه من لا

يحسنه. الرابعة: صبره على تعلمه والعمل به وتعليمه) واستدل بسورة العصر.

4- كثرة التضرع إلى الله:

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الدعاء والإلحاح على الله بقوله: ((يا مقلب القلوب ثبت

قلبي على دينك))

وفي البخاري 11/637 رقم (6628) عن ابن عمر بلفظ: (كانت يمين النبي صلى الله عليه

وسلم (لا ومقلب القلوب)، وفي صحيح مسلم 6/50 رقم (770) من حديث عائشة أنه كان

يفتتح صلاة الليل بهذا الدعاء: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض

عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق

إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) وقد صح عن أبي الدر داء أنه قال: (فوالله إن الرجل

ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فيخلع منه)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد يشكل الشيء ويشتبه أمره في الابتداء فإذا حصل الاستعانة بالله

واستهدائه ودعائه والافتقار إليه أوسلوك الطريق الذي أمر بسلوكها هدى الله الذين آمنوا لما

اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي إلى صراط مستقيم)

وقال أيضا: (وحقيقة الأمر أن العبد مفتقر إلى ما يسأله من العلم والهدى... فبذكر الله والافتقار

إليه يهديه الله ويدله كما قال: ((يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ...))

وقال الحافظ الذهبي: (فمن رام النجاة والفوز فليلزم العبودية وليدمن الاستغاثة بالله وليبتهل إلى

مولاه في الثبات على الإسلام وأن يتوفى على إيمان الصحابة وسادة التابعين).




5- أخذ الإسلام من جميع جوانبه:



ومن الاعتصام بحبل الله أخذ الإسلام من جميع جوانبه , عقيدة وعبادة وسياسة واقتصادا ومعاملة

في السراء والضراء في السفر والحضر في الفقر والغنى في القوة والضعف:



قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو

مبين} (البقرة).



قال المفسر السعدي: (هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا في السلم كافة أي في جميع

شرائع الدين ولا يتركوا منها شيئا وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه إن وافق الأمر المشروع

هواه فعله وإن خالفه تركه بل الواجب أن يكون الهوى تبعا للدين وأن يفعل كل ما يقدر عليه من

أفعال الخير وما يعجز عنه يلتزمه وينويه فيدركه بنيته)



وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون

وجاهدوا في الله حق جهاده} (الحج).



قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (أمرهم أن يجاهدوا فيه حق جهاده كما أمرهم أن يتقوه حق تقاته

وكما أن حق تقاته أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر فحق جهاده أن يجاهد

العبد نفسه ليسلم قلبه ولسانه وجوارحه لله فيكون كله لله وبالله لا لنفسه ولا بنفسه ويجاهد شيطانه

بتكذيب وعده ومعصية أمره وارتكاب نهيه... وعدة يجاهد بها أعداء الله في الخارج بقلبه ولسانه

ويده وماله لتكون كلمة الله هي العليا)



وقال تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل

فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا

ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون

الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون للحدود الله وبشر المؤمنين}

(النور)، وقال تعالى: {قل إن صلا تي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}.



والالتزام بهذا الأصل العظيم وهو أخذ الإسلام كله هو أعظم ما تميز به أهل السنة والجماعة

على غيرهم من الفرق والأحزاب الضالة وهو أيضا من أعظم أسباب اجتماع كلمتهم لأن أعظم

داع إلى الفرقة ترك بعض الحق كما سيأتي ولقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج

السالكين (3/174-176) علامات أهل العبودية فقال: (وأما العبودية المطلقة فلا يعرف

صاحبها باسم معين من معاني أسمائها فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها فله مع كل أهل



عبودية نصيب يضرب معهم بسهم فلا يتقيد برسم ولا إشارة ولا اسم ولا بزي ولا طريق وضعي

اصطلاحي بل إن سئل عن شيخه قال الرسول وعن طريقه قال الاتباع وعن خرقته قال لباس

التقوى وعن مذهبه قال تحكيم السنة وعن مقصوده ومطلبه قال يريدون وجهه وعن رباطه وعن

خانكاه قال : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه...


وعن نسبه قال: أبي الإسلام لا أبا لي سواه... ولا متميزين برسم دون الناس ولا منتسبين إلى

اسم طريق أو مذهب أو شيخ أو زي كانوا بمنزلة الذخائر المخبوءة وهؤلاء أبعد الخلق عن

الآفات فإن الآفات كلها تحت الرسوم والتقيد بها ولزوم الطرق الاصطلاحية والأوضاع المتداولة

الحادثة هذه هي التي قطعت أكثر الخلق عن الله وهم لا يشعرون)


......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو نعيم إحسان
نائب المشرف العام
نائب المشرف العام
أبو نعيم إحسان


عدد الرسائل : 629
Loisirs : العلوم الشرعية
تاريخ التسجيل : 19/04/2007

" الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -   " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Icon_minitimeالسبت مايو 26, 2007 2:09 am

6- تعلم اللغة العربية:

فإن العجمة لها أثر سيئ على المسلمين قال تعالى: {إنا جعلناه قرأنا عربيا لعلكم تعقلون} (الزخرف) وقال تعالى:

{وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} (الشعراء)، وقال

تعالى: {وهذا لسان عربي مبين} (النحل) وقال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}

فكفى باللغة العربية شرفا,أنها لغة القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد،

ولغة أشرف الأنبياء وسيد الأتقياء محمد صلى الله عليه وسلم فصارت بهذا الاختيار والتشريف أجل اللغات بل صارت

محفوظة بحفظ الله لأنها لغة دينه وشرعه فقد ضمن الله حفظ القرآن من التغيير والتبديل والنقص والزيادة ومن مضمون

ذلك حفظ لغة القرآن قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجرات) {ولا تحسبن الله مخلف وعده

رسله} (إبراهيم ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله واللغات من أعظم شعائر

الأمم يتميزون بها) فلن ندرك كلام الله حق الإدراك ونفهم غوامض التفسير وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم

والعقيدة والأحكام وما يتبع ذلك من مسائل إلا بتعلم اللغة العربية والإستفادة من البلاغة على طريقة أهل السنة ، فالنحو

ميزان العربية ووسيلة المعرب وسلاح اللغوي وعماد البلاغي والمدخل إلى العلوم العربية والإسلامية وقد زاحمت

العلوم العصرية علم اللغة العربية حتى نبذته خلفها وصار الكثير من طلاب العلم ينظرون إليه وهو في المؤخرة بعد

أن كان في المقدمة ومما ضاعف العزوف عن تعلم العربية ما قام به المستشرقون من كيد سافر للإسلام ومن ذلك اللغة

العربية فمن قائل إنها مسروقة من اللغة اللاتينية ومن قائل إنها منهوبة من اللغة العبرية ومن قائل إنها مأخوذة من

اللغة السريانية ومن ومن... فهل بلغ العجز بأبناء المسلمين إلى حد أنهم لا يتعلمون لغة دينهم مع الأسف الشديد فكل

أمة تهتم بلغتها أيما اهتمام فهل من عودة إلى الأصالة بل صار من أبنائنا من يتفاخر بالتكلم باللغات الأخرى فيخشى

على من عن لغة القرآن وأقبل على غيرها من اللغات من النفاق ، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء

(205) ومن جهل لغة القرآن فلا نستبعد أن يحدث من البدع ما يحدث قال بعض العلماء: (أول بدعة في الإسلام

كانت بسبب العجمة وهي بدعة القدر)، وقال الشافعي: (ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم اللسان العربي وميلهم

إلى لسان أرسطاليس) وقال الحسن البصري: (أهلكتهم العجمة يتأولون على غير تأويله)


7- إقامة الولاء والبراء على منهاج النبوة:

من أسس الاعتصام بحبل الله المولاة والمعاداة من أجل الدين فلا يجوز لمسلم أن يعقد الولاء والبراء على شعار بدعي

من اسم أو طائفة أو نسب أو بلد أو مذهب أو حزب أو قبيلة أو جمعية أو مؤسسة أو جبهة أو عقد الولاء والبراء

باسم طاعة من طاعة الله لغرض الحزبية أو العصبية كل هذا وأمثاله من أعمال الجاهلية وبرهان ذلك أنه لما اختصم

أنصاري ومهاجري قال المهاجري: يا للمهاجرين وقال الأنصاري: يا للأنصار فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:

((ما بال دعوى الجاهلية ، دعوها فإنها منتنة)) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الانتساب إلى جنس معين من أجناس

بعض شرايع الدين كالتجند للمجاهدين والفقه للعلماء والفقر والتصوف للعباد ... أو فعل تتميز به طائفة أو شعار هذه

الفرق من اللباس من عمائم أو غيرها كما يتعصب قوم للخرقه أو اللبسة يعنون الخرقة الشاملة للفقهاء والفقراء أو

المختصة بأحد هذين أو بعض طوائف أحد هؤلاء... أو نحو ذلك كل ذلك من أمور الجاهلية المفرقة بين الأمة وأهلها

خارجون عن السنة والجماعة داخلون في البدع والفرقة)

فالموالاة والمعاداة يجب أن تقوم بين المسلمين على أساس التوحيد والسنة والطاعة لله ورسوله مع منابذة ما يضاد كل

واحدة من هذه الثلاث ، فمن اجتمع فيه تقوى وفجور وصلاح وفسق يوالي بقدر خيره ويعادى بقدر شره وضلاله قال

الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في

الله)) بل قال الله: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم

أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين

فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} (المجادلة).

والقاعدة عند أهل السنة: (لا ولاء إلا ببراء) أي: لا موالاة للمسلمين إلا ببراءة من الكافرين.


8- الحرص على جمع كلمة المسلمين على منهاج النبوة:


قال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}

(الأنعام).

قال ابن عطية في تفسيره: (وهذه الآية تعم أهل الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في

الجدل والخوض في الكلام هذه كلها عرضة للزلل ومظنة سوء المعتقد).

وقال تعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} (هود)، وأمرنا في كل ركعة من الصلاة أن نقرأ

الفاتحة وفيها {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فجمع الكلمة

يكون على صراط الله الذي عليه جميع أنبياء الله ورسله وأتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين، وقد حذر الله من

الفرقة وهي طريق المغضوب عليهم الذين عدلوا عن الحق قصدا وعنادا وطريق أهل الضلال الذين عدلوا عن الحق

جهلا وضلالا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومما عظمت به وصية النبي في مواطن عامة وخاصة مثل قوله: ((عليكم بالجماعة فإن

يد الله على الجماعة)).

وقال أيضا وهو يتحدث عن أصل جمع الكلمة: (لكن يعلم أن رعايته من أعظم أصول الإسلام ولهذا كان امتياز أهل

النجاة عن أهل العذاب من هذه الأمة بالسنة والجماعة)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا: (ثم إنه سبحانه بين أن هذا الأصل وهو الجماعة عماد لدينه فقال سبحانه: {يا أيها

الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ...}

وقال أيضا: (وتعلمون أن من القواعد العظيمة التي هي من جماع الدين تأليف واجتماع الكلمة وصلاح ذات البين فإن

الله تعالى يقول: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} - وذكر آيات أخرى إلى قوله: وأهل هذا الأصل هم أهل الجماعة

كما أن الخارجين عنه هم أهل الفرقة)

وعلى كل السنة والجماعة ركنان عظيمان لمنهاج النبوة وملة الفرقة الناجية على مر العصور.



الطائفة المنصورة هم أهل السنة والجماعة


لقد أقام الله على مر الدهور والعصور طائفة من المسلمين يتمسكون بدينه ويذبون عنه وهي الطائفة المنصورة الناجية

التي كثر ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لها وبيانه لصفاتها ومنهجها. فقد روى البخاري ومسلم من حديث

معاوية والمغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم

من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)) والحديث قد جاء عن صحابة كثيرين بأسانيد صحيحة

حتى بلغ درجة التواتر.

وقد قال عليه الصلاة والسلام في وصف هذه الطائفة: ((... هم على ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) ، وهو صالح

للتحسين .

فهذه الطائفة العاضة على الحق يستمر وجودها مهما اشتدت الفتن وقامت الثورات الكلامية والقتالية وعملها تجديد الدين

وتصفيته مما علق به وتدعو الناس إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة على ما كان عليه السلف وحكمة الله العظيمة في

إبقاء هذه الطائفة إلى قيام الساعة هو من أجل أن يصان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وما كان عليه صحابته

رضي الله عنهم ولتقام الحجج على العباد ويهتدي الناس بهدي رب العالمين فهذه الطائفة أسوة للمسلمين وقدوة لهم لأنها

تحيي الإقتداء بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب على كل مؤمن أن ينضم إلى هذه الطائفة وإلا بقي مع

طوائف الزيغ والضلال وربما الكفر والإلحاد.

وما تخطف شياطين الجن والإنس للمسلمين قديما وحديثا إلا بسبب الابتعاد عما عليه الطائفة المنصورة الناجية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكما أنه لم يكن في القرون أكمل من قرن الصحابة فليس في الطوائف بعدهم أكمل من

أتباعهم فكل من كان للحديث والسنة وآثار الصحابة أتبع كان أكمل وكانت تلك الطائفة أولى بالاجتماع والهدى

والاعتصام بحبل الله وأبعد عن التفرق والاختلاف والفتنة وكل من بعد عن ذلك كان أبعد عن الرحمة وأدخل في الفتنة

فليس الضلال والغي في طائفة من طوائف الأمة أكثر منه في الرافضة كما أن الهدى والرشاد والرحمة ليس في طائفة

من طوائف الأمة أكثر منه في أهل الحديث والسنة المحضة الذين لا ينتصرون إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم

فإنهم خاصته وهو إمامهم المطلق الذين لا يغضبون لقول غيرهم الا إذا اتبع قوله، ومقصودهم نصر الله ورسوله)


9- قدم دعوة أهل الحديث:

دعوة أهل الحديث قديمة وليست بحادثة لأنها دعوة الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وهي دعوة الصحابة

لأنهم تلقوها عن المصطفى ودعوة التابعين لأنهم تلقوها عن الصحابة وأتباع التابعين تلقوها عن التابعين وهكذا سلسلة

هذه الدعوة متواصلة ينقلها عن الرسول صلى الله عليه وسلم جيل بعد جيل وإنما سموا أنفسهم بأهل الحديث مقابل أهل

الرأي فنسبتهم إلى الحديث نسبة شرعية ألا ترى أن الرسول دعا المسلمين عند كثرة الاختلاف أن يتمسكوا بسنته

فقال: (... فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها

بالنواجذ)

فانظر كيف دعا إلى التمسك والعض على سنة الصحابة فصارت نسبة سني مقابل بدعي نسبة شرعية وهكذا نسبة أهل

الحديث، وقد فسر كثير من العلماء حديث الفرقة الناجية والطائفة المنصورة بأنهم أهل الحديث ومن هؤلاء عبد الله بن

المبارك وعلي بن المديني والبخاري وأحمد بن حنبل وأحمد بن سنان ويزيد بن هارون. كما في كتاب "شرف أصحاب

الحديث" للخطيب البغدادي.

ولقد كان عامة المسلمين على ما عليه أهل الحديث في القرون المفضلة قال عبد القاهر البغدادي التميمي في كتابه

"أصول الدين": (إن ثغور الروم والجزيرة والشام وأذربيجان كل أهلها كانوا على مذهب أهل الحديث وكذلك ثغور

أفريقية والأندلس وكل ثغر بحر المغرب وكذلك ثغور الشمـال على ساحل الزنج كان أهلها أهل الحديث).

وفي "الخطط" للمقريزي 3/333 قال: (كانت أفريقية الغالب عليها السنن والآثار).

وفي "تاريخ السند" (أن البشاري دخل على المنصورة من أقاليم السند وأكثر أهلها أصحاب الحديث) وقال الجعدي

وهو يتحدث عن حال اليمنيين قبل دخول المذاهب: (ولم يكن علم السنة مأخوذا في هذا المخلاف إلا من جامع معمر

بن راشد البصري وهو مصنف في صنعاء وجامع سفيان بن عيينة وجامع أبي قرة موسى بن طارق اللحجي الجندي

ومن المرويات عن مالك في الموطأ وغيره مثل كتاب أبي مصـعب وعما يروي عن طاووس وابنه والحكم بن أبان

وقدماء فقهاء اليمن ...)

وقال مسلم في مقدمة صحيحه: (أئمة أهل الحديث مثل مالك بن أنس وشعبة وسفيان بن عيينة ويحي بن سعيد القطان

وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة).

قلت: أئمة الحديث في عصر السلف كثيرون جدا ، منهم الإمام أحمد بن حنبل ومالك ، وليس الشافعي بخارج عن أهل

الحديث ، فقد قال الحافظ الذهبي: (إن الشافعي أخذ مذهب أهل الحديث واختاره لنفسه)

وقال صاحب الملل: (قد كان الشافعي وأصحابه وتلا مذته من أهل الحديث ...) 1/98

ومشهور عن الشافعي أنه قال للإمام أحمد: (وإذا صح الحديث عندكم فأخبرونا حتى نعمل به)

وقال: (كل مسألة تكلمت فيها وصح الخبر فيها عن رسول الله عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في

حياتي وبعد مماتي) "توالي التأنيس" ص (108). وجاء عنه أنه قال: " متى رويت عن رسول الله 

حديثا ولم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب " وقال: (إذا وجدتم قولي يخالف قول رسول الله فاضربوا بقولي وراء

الحائط) وداود الظاهري كان على طريقة أهل الحديث.

فهذا الذي ذكرناه يدل على أن المسلمين كانوا على السنة في عهد الصحابة والتابعين وأتباع التابعين واستمر غالبهم

على ذلك إلى القرن الخامس الهجري وأما كون المبتدعة ظهرت في آخر عهد عثمان رضي الله عنه وما بعده فهذا

لايدل أن المجتمع المسلم انحرف بل كان المبتدع إذا عرفه الناس يواجه من قبل المسلمين حكاما وعلماء تارة

بالسجن وتارة بالطرد والتشريد وتارة بالتحذير منه وترك الناس له فما أحوج المسلمين إلى الرجوع إلى أصلهم الأول

وهذا ما سبق إليه أهل السنة جعلهم الله مفاتيح خير مغاليق شر.

.......
..........
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو نعيم إحسان
نائب المشرف العام
نائب المشرف العام
أبو نعيم إحسان


عدد الرسائل : 629
Loisirs : العلوم الشرعية
تاريخ التسجيل : 19/04/2007

" الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -   " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Icon_minitimeالإثنين مايو 28, 2007 3:17 am

- وصايا العلماء بالرجوع إلى أهل الحديث:

قال هارون الرشيد: (... طلبت الحق فوجدته عند أصحاب الحديث ...).

وقال أبو الوليد الكرابيسي: (عليكم بما عليه أصحاب الحديث فإن راية الحق معهم).

وقال إسحاق بن موسى: (أصحاب الحديث لا يعدلهم أحد).

وقال الثوري: (أصحاب الحديث حفظة هذا الدين).

وقال أيضا: (الملائكة حراس السماء وأصحاب الحديث حراس الأرض).

وقال الشافعي: (عليكم بأصحاب الحديث فإنهم أكثر صوابا من غيرهم).

وقال ابن حبان: (إن أولى الناس برسول الله يوم القيامة يكون أصحاب الحديث)

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {يوم ندعوا كل أناس بإمامهم}: (هذه الآية منقبة

لأهل الحديث لأنهم ليس لهم إمام إلا رسول الله).

وقال السيوطي في البدور السافرة عند الآية المذكورة: (هذا أكبر شرف لأهل الحديث لأن

إمامهم النبي ?)

وقال الإمام أحمد: (أهل الحديث أعظم درجة من الفقهاء.

وقال أحمد: (ليس عندي قوم خير من أصحاب الحديث).

وقال أيضا: (إن لم يكن أهل القرآن والحديث أولياء الله فليس لله في الأرض ولي)

وقال أبو يوسف القاضي في أهل الحديث: (ما على الأرض خير منكم)

وقال أبو المظفر السمعاني رحمه الله: (أبى الله أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة إلا مع أهل

الحديث لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفا عن سلف وقرنا عن قرن ...)

وقال الإمام الشافعي: (أهل الحديث في كل زمان ومكان كالصحابة رضي الله عنهم في

زمانهم)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وعلماء أهل الحديث أعلم بمقاصد الرسول من أتباع الأئمة

بمقاصد أئمتهم)

وقال الحافظ الذهبي: (لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صوابا

وأندرهم خطأ وأشدهم إنصافا وأبعدهم عن التحامل وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح فتمسك به

واعضض عليه بناجذيك ولا نتجاوزه فتندم ومن شذ منهم فلا عبرة به فخل عنك العنا واعط

القوس باريها فوالله لولا الحفاظ الأكابر لخطبت الزنادقة على المنابر ...)

وانظر بعين الاعتبار والإنصاف إلى منهج أهل الحديث من عهد الصحابة إلى عصرنا هذا

تجدهم على طريقة واحدة في العقيدة والعبادة والسياسة فما كان عبادة في ذلك العهد فهو

اليوم كذلك وما لم يكن عبادة في ذلك العصر فليس بعبادة اليوم وهكذا قل في العقيدة

والسياسة فهذا برهان ساطع ودليل قاطع على أن أهل الحديث على حق بالرغم من تباعد

المسافة بين أهل الحديث المتأخرين والمتقدمين وكثرة الانحرافات في داخل الأمة ومع هذا

فالمنهج واحد والحمد لله.

وانظر أيضا كيف يرجع إلى ما عليه أهل الحديث العلماء الكبار بعد أن كانوا مقلدين فكم

علماء كانوا ينافحون عن مذاهب وطرق مخالفة للكتاب والسنة ثم رجعوا إلى طريقة أهل

الحديث وهكذا يجب أن تعلم أن كل الفرق والأحزاب والمذاهب مفتقرة إلى الرجوع إلى

طريقة ما عليه أهل الحديث وليس أهل الحديث يوما من الدهر بحاجة إلى أن يتحولوا إلى

فرقة من الفرق بل هم أغنياء بما عندهم من الحق المبين.

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى 4/9: (من المعلوم أن أهل الحديث يشاركون كل

طائفة فيما يتحلون به من صفات الكمال ويمتازون عنهم بما ليس عندهم فإن المنازع لهم لابد

أن يذكر فيما يخالفهم فيه طريقا أخرى مثل: المعقول والقياس والرأي والكلام والنظر

والاستدلال والمحاجة والمجادلة والمكاشفة والمخاطبة والوجد والذوق ونحو ذلك وكل هذه

الطرق لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها).


11- رجوع علماء أهل السنة إلى الحق عند ظهوره لهم:

من نعمة الله على علماء الحديث أنهم إذا اجتهدوا في مسألة ما فأخطأ أحدهم رجع إلى الحق

إذا ظهر له لأنهم يسلمون أن اجتهاداتهم محكومة بالقرآن والسنة وما كان عليه السلف ولا

خلاف بين السلف في هذا وقد قال تعالى {وقل رب زدني علما}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فالواجب على كل مؤمن موالاة المؤمنين وعلماء المؤمنين وأن

يقصد الحق ويتبعه حيث وجده ...)

وقال العلامة ابن رجب: (كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن

أورده عليهم وإن كان صغيرا ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقول الحق إذا ظهر في غير

قولهم).

وذكر الآجري من صفات العلماء الرجوع إلى الحق قال: (إن أفتى بمسألة فعلم أنه أخطأ لم

يستنكف أن يرجع عنها وإن قال قولا فرده عليه غيره ممن هو أعلم منه أو مثله أو دونه فعلم

أن القول كذلك رجع عن قوله وحمده على ذلك وجزاه خيرا)

ولله در الإمام الشافعي حيث قال: (كل مسألة تكلمت فيها وصح الخبر فيها عن رسول الله ?

عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد مماتي)

واستمر الاهتمام بالرجوع إلى الحق من قبل العلماء حتى قال البقاعي: (ووالله الذي جلت

قدرته وتعالت عظمته لو أن لي سعة تقوم بما أريد لكنت أبذل مالا لمن ينبهني على خطئي

فكلما نبهني أحد على خطأ أعطيته دينارا ولقد نبهني غير واحد على أشياء فيه فأصلحتها

وكنت أدعو لهم وأثني عليهم وأقول لهم هذا الكلام ترغيبا في المعاودة إلى الانتقاد والاجتهاد

في الإسعاف بذلك والإسعاد )


رد التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:

يحصل التنازع ما بين الحين والآخر بين المسلمين ولا حل أنفع لهذه التنازعات من ردها إلى

كتاب ربنا وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم على ما كان عليه السلف الصالح

قال تعالى {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم

الآخر} (النساء)

وقال تعالى {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} (الشورى).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فمسائل النزاع في الأصول والفروع إذا لم ترد إلى الله ورسوله

لم يتبين فيها الحق بل يصير المتنازعون فيها على غير بينة من أمرهم فإن رحمهم الله أقر

بعضهم بعضا ولم يبغ بعضهم على بعض ...)

وقال الإمام ابن القيم في الآية الأولى: (وهذا يعم دقيق ما تنازع فيه المسلمون وجليله ولا

يخص شيئا دون شيء فمن ظن أن هذا في شرائع الإسلام دون حقائق الإيمان وفي أعمال

الجوارح دون أعمال القلوب وأذواقها ومواجيدها أو في فروع الدين دون أصوله وباب

الأسماء والصفات والتوحيد فقد خرج عن موجب الآية علما وعملا وإيمانا بل كما أن رسالته

عامة إلى كل مكلف في كل وقت فهي عامة في كل حكم من أحكام الدين أصوله وفروعه

حقائقه وشرائعه فمن أخرج حكما من أحكام الدين عن عموم رسالته فهو كمن أخرج محكوما

عليه من المكلفين عن عموم رسالته فهذا في البطلان كهذا)

وقال أيضا: (وهذا دليل قاطع على أنه يجب رد موارد النزاع في كل ما تنازع فيه الناس

من الدين كله إلى الله ورسوله لا إلى أحد غير الله ورسوله فمن أحال الرد على غيرهما فقد

ضاد أمر الله ومن دعا عند النزاع إلى حكم غير الله ورسوله فقد دعا بدعوى الجاهلية فلا

يدخل العبد في الإيمان حتى يرد كلما تنازع فيه المتنازعون إلى الله ورسوله ولهذا قال الله

تعالى {إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر...) وحسبك بهذه الآية العاصمة القاصمة بيانا

وشفاء فإنها قاصمة لظهور المخالفين لها عاصمة للمتمسكين بها الممتثلين ما أمرت به قال

الله تعالى{ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم} (الأنفال) .

وقال تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم

حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} (النساء ).

قال الإمام ابن القيم عند هذه الآية: (أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكدا بالنفي قبله على

عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع وأحكام

الشرع وأحكام المعاد وسائر الصفات وغيرها ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى

ينتفي عنهم الحرج وهو ضيق الصدر وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح ، وتنقسم له

كل الإنقسام وتقبله كل القبول ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضا حتى ينظاف إليه مقابلة حكمه

بالرضى والتسليم وعدم المنازعة وانتفاء المعارضة والاعتراض... وعند الامتحان تعلم هل

هذه الأمور الثلاثة موجودة في قلب أكثر من يدعي الإسلام أم لا)

...............
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو نعيم إحسان
نائب المشرف العام
نائب المشرف العام
أبو نعيم إحسان


عدد الرسائل : 629
Loisirs : العلوم الشرعية
تاريخ التسجيل : 19/04/2007

" الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -   " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Icon_minitimeالإثنين مايو 28, 2007 3:24 am


مسألة
هل يعذر العالم إذا وقع في بدعة مجتهدا

قال أبو زيد القيرواني في كتابه الجامع في السنن والآداب ص (121): (ومن قول أهل السنة أنه لا يعذر من

ولاه اجتهاده إلى بدعة لأن الخوارج اجتهدوا فلم يعذروا وخرجوا بتأويلهم عن الصحابة فسماهم عليه السلام

مارقين من الدين وجعل المجتهد في الأحكام مأجورا وإن أخطأ).

قلت: الخوارج لم يكونوا علماء فضلا عن أن يكونوا راسخين في العلم فالاستدلال ببدعتهم على عدم عذر

المجتهد في غير محل النزاع ، والراجح عند كثير من أهل العلم عذره .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة وإن كان ذلك في المسائل العلمية

ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة) وقال في رسالة "معارج الوصول" ص (49-50): (وكثير من مجتهدي

السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات

فهموا منها ما لم يرد منها وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع

دخل في قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ...} (البقرة ).

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله: (ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه

وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا ، رحم الله الجميع بمنه وكرمه ) وقال أيضا: (وإنما يمدح العالم بكثرة ماله

من الفضائل فلا تدفن المحاسن لورطة ولعله رجع عنها وقد يغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق ، ولا قوة

إلا بالله ) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وسبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف

في قول كل منهما أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام

عنده دليله... فإذا اعتقد العالم اعتقا دين متناقضين في قضية أو قضيتين مع قصده الحق واتباعه لما أمر باتباعه

من الكتاب والحكمة عذر بما لم يعلمه وهو الخطأ المرفوع عنا...)

وقال الحافظ الذهبي: (ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه ونغطي معارفه بل نستغفر

له ونعتذر عنه) والشأن أن العالم يجتهد فيما يسوغ فيه الإجتهاد ،قال العلامة الشنقيطي في كتابه "التقليد"

(ص/15) : ولا يخفى أن شروط الإجتهاد لا تشترط إلا فيما فيه مجال للاجتهاد والأمور المنصوصة في

نصوص صحيحة من الكتاب والسنة لا يجوز الإجتهاد فيها لأحد حتى نشترط فيها شروط الإجتهاد ، بل ليس فيها

إلا الإتباع .



12- اختلاف التنوع سائغ في الشرع:

اختلاف التنوع هو أن يكون للعبادة أكثر من نوع وهو من الدين قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاقتضاء" ص

(37-39): (واختلاف التنوع على وجوه منه ما يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقا مشروعا كما في

القراءات التي اختلف فيها الصحابة حتى زجرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف وقال: ((كلاكما

محسن)) ومثله: اختلاف الأنواع في صفة الأذان والإقامة والاستفتاح والتشهدات وصلاة الخوف وتكبيرات العيد

وتكبيرات الجنازة إلى غير ذلك مما شرع جميعه وإن كان قد يقال إن بعض أنواعه أفضل ثم نجد لكثير

من الأمة في ذلك من الاختلاف ما أوجب اقتتال طوائف منهم كاختلافهم على شفع الإقامة وإيتارها ونحو ذلك،

وهذا عين المحرم ومن لم يبلغ هذا المبلغ فتجد كثيرا منهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن

الآخر أو النهي عنه ما دخل به فيما نهى عنه النبي ? ومنه ما يكون كل من القولين هو في الواقع في معنى

القول الآخر لكن العبارتان مختلفتان كما قد يختلف كثير من الناس في ألفاظ الحدود والتعريفات وصيغ الأدلة

والتعبير عن المسميات وتقسيم الأحكام غير ذلك ثم الجهل أو الظلم هو الذي يحمل على حمل إحدى المقالتين وذم

الأخرى ومنه ما يكون المعنيان غيرين لكن لا يتنافيان: فهذا قول صحيح وذاك قول صحيح وإن لم يكن معنى

أحدهما هو معنى الآخر وهذا كثير في المنازعات جدا ومنه ما يكون طريقتان مشروعتان ولكن قد سلك رجل

أو قوم هذه الطريقة وآخرون قد سلكوا الأخرى وكلاهما حسن في الدين، ثم الجهل أو الظلم يحمل على ذم

أحدهما أو تفضيله بلا قصد صالح أو بلا علم أو بلا نية... وهذا القسم الذي سميناه اختلاف التنوع كل واحد

من المختلفين مصيب فيه بلا تردد لكن الذم واقع على من بغي على الآخر فيه وقد دل القرآن على حمد كل

واحدة من الطائفتين في مثل هذا إذا لم يحصل من إحداهما بغي كما في قوله: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها

قائمة على أصولها فبإذن الله} (الحشر).

وقد كان الصحابة في حصار بني النضير اختلفوا في قطع الأشجار والنخيل فقطع قوم وترك آخرون وكما في

قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا

أتينا حكما وعلما} (الأنبياء)، فخص سليمان بالفهم وأثنى عليهما بالعلم والحكم.

وقال أيضا في الكتاب نفسه: (وعلم أن أكثر الاختلاف بين الأمة الذي يورث الأهواء تجده من هذا الضرب وهو

أن يكون كل واحد من المختلفين مصيبا فيما يثبت أو في بعضه مخطأ في نفس ما عليه الآخر).


عدم قبول الخلاف بعد إجماع السلف:


إذا قام إجماع السلف إجماعا متحققا فلا يجوز لمن علمه مخالفته قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

(ونزاع المتأخرين لا يمكن لأن كثيرا منه قد تقدم الإجماع على خلافه كما دلت النصوص على خلافه ومخالفة

إجماع السلف خطأ قطعا) وإحداث قول بعد إجماع الصحابة فيه تجويز إجماع الصحابة على الضلال، قال شيخ

الإسلام ابن تيمية وهو يتكلم على أهل البدع:

(فجوزوا أن تكون الأمة مجتمعة على الضلال في تفسير القرآن والحديث ...) وقال أيضا: (... وكذلك

الإجماع دليل آخر كما يقال قد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع وكل من هذه الأصول يدل على الحق مع

تلازمها فإن ما دل عليه الإجماع فقد دل عليه الكتاب والسنة) وقال أيضا: (فلهذا كانت الحجة الواجبة الإتباع

للكتاب والسنة والإجماع فإن هذا حق لا باطل فيه واجب الإتباع لا يجوز تركه بحال... وليس لأحد الخروج

عن شيء مما دلت عليه)

قلت: الشأن في تحقيق الإجماع وأماتكفير جاحده فهذا لأنه جحد نصوص الكتاب والسنة لأن صفة هذا الإجماع

الذي يكفر جاحده هو ما علم من الدين بالضرورة من حيث علمنا الأخبار التي لا يخالج فيها شك والإجماع الظني

يعمل به ما لم يخالف نصا من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يكفر مخالفه .


الاختلاف السائغ شرعا وضوابطه

إن الله قد جعل أفهام المسلمين متفاوتة كتفاوت خلقتهم وهيئتهم فلا طمع قط في أن تكون أفهام العلماء على مرتبة

واحدة ولكن هذا التفاوت إذا ضبط بالضوابط الشرعية لن يكون مؤديا إلى فرقة في حد ذاته وقد كان هذا

الاختلاف يحصل على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما حصل اختلاف الصحابة في غزوة بني قريظة عندما

قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة)) فاختلفوا، فصلى بعضهم في

الطريق متأولا أن مراد الرسول الإسراع وبعضهم لم يصل حتى وصل عملا بظاهر الحديث، فلم يعنف

رسول الله إحدى الطائفتين.

وقد روى البخاري 13/318 رقم (7352) ومسلم 12/13 من حديث عمرو بن العاص أن رسول الله صلى

الله عليه وسلم قال: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر)).

قال ابن رجب الحنبلي: (فأما مخالفة بعض أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم خطأ من غير عمد مع الاجتهاد

على متابعته فهذا يقع كثيرا من أعيان الأمة من علمائها وصلحائها ولا إثم فيه بل صاحبه إذا اجتهد فله أجر على

اجتهاده وخطؤه موضوع عنه ...).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه

بدعة إما لأحاديث ضعيفة , ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد وإما لرأي رأوه وفي المسألة

نصوص لم تبلغهم وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا})

وقال أيضا: (ولكن الاجتهاد السائغ لايبلغ مبلغ الفتنة والفرقة إلا مع البغي لا لمجرد الاجتهاد...فلا يكون فتنة

وفرقة مع وجود الاجتهاد السائغ بل على نوع بغي)

وقال أيضا: (مسائل الاجتهاد من عمل فيها يقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين

لم ينكر عليه وإذا كان في المسألة قولان فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض

العلماء الذي يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين والله أعلم)

ولشيخ الإسلام ابن تيمية بسط جيد لبعض مسائل الاجتهاد بين الصحابة في العبادات والإباحة والكراهة وغير ذلك

وأما ضوابط خلاف الأفهام فكالآتي:


1-لا يعارض ظاهر الأدلة بدون حجة: قال شيخ الإسلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يتكلم عن معاني القرآن

والحديث: (وكان من ذلك الظاهر الجلي الذي لا يسوغ عنه العدول ومنه الخفي الذي يسوغ فيه الاجتهاد للعلماء

العدول)


2-اعتماد الحديث الصحيح لا الضعيف: قال شيخ الإسلام: (ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث

الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة... ولم يقل أحد من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجبا أو مستحبا

بحديث ضعيف ومن قال هذا فقد خالف الإجماع)


3-اعتماد فهم السلف وعملهم وفتاواهم . وقد سبق بيان هذا .


4-الرجوع إلى الحق عند ظهور الخطأ.

وعلى هذا فقد اختلف الصحابة في مسائل ولم يؤد ذلك الاختلاف إلى فرقة ، فلما كان من الخلاف الذي يسوغ فيه

الاجتهاد فلا لوم على من وقع فيه وحسب كل مسلم أن يتحرى الحق ما استطاع.

قال شيخ الإسلام وهو يتكلم عن معاني القرآن والحديث: (وكان من ذلك الظاهر الجلي الذي لا يسوع عنه

العدول ومنه الخفي الذي سوغ فيه الاجتهاد للعلماء العدول


تنبيه: الاختلاف السائغ بين أهل السنة قد يحصل بسببه تنازع بين أهل السنة وربما أدى إلى الهرج والمرج قال

شيخ الإسلام شيخ الإسلام ابن تيمية: (فلا بد في الطوائف المنتسبة إلى السنة والجماعة من نوع تنازع لكن لا بد

فيهم من طائفة تعتصم بالكتاب والسنة ...).

تنبيه آخر: الخلاف في الفروع بضوابطه الشرعية لا يدخل في أحاديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة قال

الإمام الشاطبي مبينا أن الاختلاف في الفروع لا يكون داخلا في أدلة ذم الاختلاف: (... فلا يصح أن يراد

مطلق الافتراق بحيث يطلق صور لفظ الاختلاف على معنى واحد لأنه يلزم أن يكون المختلفون في مسائل

الفروع داخلين تحت إطلاق اللفظ وذلك باطل بالإجماع فإن الخلاف من زمان الصحابة إلى الآن واقع في المسائل

الاجتهادية وأول ما وقع الخلاف في زمان الخلفاء الراشدين المهديين ثم في سائر الصحابة ثم في التابعين ولم

يعب أحد ذلك منهم وبالصحابة اقتداء من بعدهم في توسع الخلاف...)

..............
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو نعيم إحسان
نائب المشرف العام
نائب المشرف العام
أبو نعيم إحسان


عدد الرسائل : 629
Loisirs : العلوم الشرعية
تاريخ التسجيل : 19/04/2007

" الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -   " الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله - Icon_minitimeالإثنين مايو 28, 2007 3:43 am

15- ومن الاعتصام أن أهل السنة لم يختلفوا اختلافا مذموما:

من بركة التمسك بدين الله أن أهل السنة قديما وحديثا لم يختلفوا في مسائل الإيمان والقدر

والوعد والوعيد والأسماء والصفات ولا مسائل الأسماء والأحكام والإمامة ولم يختلفوا في

قواعد الإسلام ولا في أصل من أصوله وإنما اختلفوا في مسائل الاجتهاد في الطلاق

والفرائض وما خفي ودق من المسائل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (والمقصود أن الصحابة رضوان الله عليهم لم

يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلا ولم يختلفوا في شيء من قواعد

الإسلام لا في الصفات ولا في القدر ولا مسائل الأسماء والأحكام ولا مسائل الإمامة ...)

وقال الشاطبي في الاعتصام 2/191: (فإن الخلاف من زمان الصحابة إلى الآن واقع في

المسائل الاجتهادية).


16- تحري السلف للألفاظ الشرعية:

إن الله أعطى علماء الأثر حرصا عظيما فيما يتعلق بالتحدث عن الشريعة الإسلامية وما ذلك

إلا لما يعلمونه من عظمة الألفاظ الشرعية قال الإمام ابن القيم: (... فألفاظ النصوص

عظيمة وحجة بريئة من الخطأ والتناقض والتعقيد والاضطراب ...) وقال في نفس المصدر:

(وقد كان الصحابة والتابعون وأئمة الدين سلكوا على منهاجهم يتحرون ألفاظ النصوص غاية

التحري ...)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة

المجملة المشتبهة لما فيها من لبس الحق بالباطل مع توقعه من الاشتباه والاختلاف والفتنة

بخلاف الألفاظ المأثورة والألفاظ التي بينت معانيها فإن ما كان مأثورا حصلت به الأُلفة وما

كان معروفا حصلت به المعرفة)ا.هـ

وقال أيضا في نفس المصدر: (ويقال لمن يتقيد بالشريعة: إطلاق هذه الألفاظ نفيا وإثباتا

بدعه، وفي كل من الإثبات والنفي تلبيس، وإنما العظمة في إطلاق الألفاظ الشرعية من

الكتاب والسنة).

وقال ابن رجب ممتدحا الموفق ابن قدامة: (وكان المتابعة للمنقول في باب الأصول وغيره ،

لا يرى إطلاق ما لم يؤثر من العبارات


17- المحافظة على الفروع:

قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} (النساء)، وقال تعالى:

{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضا الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}

(الأحزاب)، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}

(الأنفال)، والمحافظة على الفروع ثمار العمل والبقاء على الأصول وغايتها ووضيفتها.

قال العلامة السعدي: (والأصول تبنى عليها الفروع والفروع تثبت وتتقوى بالأصول

والإكثار من المخالفة في الفروع يؤدي إلى الخروج عن السنة قال الإمام الشاطبي رحمه

الله: (ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع

المخترعة عاد على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضا)

وكما أن الأصول ترد إلى الكتاب والسنة فكذلك الفروع.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (... والفروع إذا لم ترد إلى الله ورسوله لم ينبين فيها الحق بل

يصير المتنازعون فيها على غير بينة من أمرهم فإن رحمهم الله أقر بعضهم بعضا ولم يبغ

بعضهم على بعض كما كان الصحابة في زمان عمر وعثمان يتنازعون في بعض مسائل

الاجتهاد فيقر بعضهم بعضا ولا يعتدي عليه)

ولا نعني بالفروع ما عليه أهل الضلال من ترك واجبات وارتكاب محرمات فهذه أصول وإن

سموها فروعا.

فقد ذكر علماء أهل السنة مسائل كثيرة من المسائل التي يسميها بعضهم فروعا في كتب

العقيدة منها متعلقة بالطهارة ومنها متعلقة بالصلاة والحج والزكاة والحدود والنكاح وغير

ذلك كمسألة المسح على الخفين وتعجيل المغرب والمحافظة على التراويح وتحريم نكاح

المتعة بل ونقلوا على كثير منها إجماع علماء أهل السنة وهذا كاف في بيان الاهتمام بالفروع

وبيان تميزهم بها وشدة حرصهم عليها كيف لا وإظهار الفروع من الشريعة فيه مجانبة سبيل

الكافرين والمبتدعين.


18- سد الذرائع:

إن الشريعة قد جاءت بسد أبواب الذرائع الموصلة إلى ترك ما أوجب الله أو ارتكاب ما حرم

الله أو التشكك فيما أخبر الله، ومما يدل على ذلك قول الله : صلى الله عليه وسلم {وَلاَ تَسُبُّواْ

الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}الأنعام108

وفي حديث ثابت بن الضحاك قال: (نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة فسأل النبي صلى الله عليه

وسلم فقال: ((هل كان فيه وثن من أوثان الجاهلية يعبد قالوا لا قال كان فيه عيد من أعيادهم

قالوا لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك فإنه لا وفاء بنذر في معصية الله

ولا فيما لا يملك ابن آدم))

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (وإذا تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى

المحرمات وذلك عكس فتح باب الحيل الموصلة إليها فالحيل وسائل وأبواب إلى المحرمات

وسد الذرائع عكس ذلك فبين البابين أعظم التناقض ، والشارع حرم الذرائع وإن لم يقصد بها

المحرم لإفضائها إليه فكيف إذا قصد بها المحرم نفسه) وذكر أمثلة كثيرة لذلك.

وقال أيضا: (وباب سد الذرائع أرباع التكليف فإنه أمر ونهي والأمر نوعان: أحدهما:

مقصود لنفسه. والثاني: وسيلة إلى المقصود. والنهي نوعان: أحدهما : ما يكون المهي عنه

مفسدة في نفسه. والثاني: ما يكون وسيلة إلى المفسدة، فصار سد الذرائع المفضية إلى

الحرام أحد أرباع الدين ).

وقال العلامة السعدي: (... الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها وأن وسائل المحرم ولو

كانت جائزة تكون محرمة إذا كانت تفضي إلى الشر)

وقال الشاطبي رحمه الله: (سد الذرائع مطلوب مشروع وهو أصل من الأصول القطعية في

الشرع)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن

حرمها ونهى عنها والذريعة ما كان وسيلة وطريقا إلى الشيء... ثم هذه الذرائع إذا كانت

تفضي إلى المحرم غالبا فإنه يحرمها مطلقا وكذلك إن كانت قد تفضي وقد لا تفضي ولكن

الطبع متقاض لإفضائها ... ثم هذه الذرائع منها ما يفضي إلى المكروه بدون قصد فاعلها

ومنها ما تكون إباحتها مفضية للتوسل بها إلى المحارم... وللشريعة أسرار في سد الفساد

وحسم مادة الشر لعلم الشارع بما جبلت عليه النفوس وبما يخفى على النفوس من خفي هواها

الذي لا يزال يسري فيها حتى يقودها إلى الهلكة ...)


تحصيل المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وإزالتها:

إن تحصيل المصالح ودفع المفاسد مما جاءت به الشريعة الإسلامية وعني بذلك العلماء

الراسخون قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها

وتعطيل المفاسد وتقليلها وإنها ترجح خير الخيرين وشر الشرين وتحصيل أعظم المصلحتين

بتفويت أدناهما وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما... ونقول إذا ثبت أن الحسنات لها

منافع وإن كانت واجبة كان في تركها مضار والسيئات فيها مضار وفي المكروه بعض

حسنات فالتعارض إما بين حسنتين لا يمكن الجمع بينهما فتقدم أحسنهما بتفويت المرجوح،

وإما بين سيئتين لا يمكن الخلو منهما فيدفع أسوأهما باحتمال أدناهما وأما بين حسنة وسيئة لا

يمكن التفريق بينهما بل فعل الحسنة مستلزم لوقوع السيئة وترك السيئة مستلزم لترك الحسنة

فيرجح الأرجح من منفعة الحسنة ومضرة السيئة). ثم أخذ يفصل ذلك تفصيلا عظيما نافعا

وأطال في ذلك فمن شاء فليرجع إليه. "مجموع الفتاوى" 2/48 فما بعدها.

وقال أيضا: (والعمل إذا اشتمل على مصلحة ومفسدة فإن الشارع حكيم فإن غلبت مصلحته

على مفسدته شرعه وإن غلبت مفسدته على مصلحته لم يشرعه بل نهى عنه...)

وقال أيضا: (إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت فإنه يجب

ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد...

لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة فمتى قدر الإنسان على اتباع

النصوص لم يعدل عنها وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر وقل أن تعوز النصوص

من يكون خبيرا بها وبدلا لتها على الأحكام... وإذا اشتبه الأمر استبان المؤمن حتى يتبين له

الحق فلا يقدم على الطاعة إلا بعلم ونية ...)

وقال الإمام ابن القيم: (ومن أصول الشريعة إذا تعارضت المصلحة والمفسدة قدم أرجحهما)

وقال في الزاد 3/486: (ومبنى الشريعة على دفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما بل بناء

مصالح الدنيا والدين على هذين الأصلين ، وبالله التوفيق ). وتقدير المصالح والمفاسد إنما

يقوم به أهل العلم الراسخون ويحصل كثيرا أن دعاة الباطل يشغبون على هذه القواعد

العظيمة لينصروا ما هم عليه من الانحرافات فاحذرهم.

..............
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
" الاعتصام " للشيح محمد الإمام - حفظه الله -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: قسم العقيدة و المنهج :: منتدى المنهج-
انتقل الى: