ان الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعود بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا
هادي له .
وأشهد أن لااله الا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله
وبعد....
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء . رواه
مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم : إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غيبا كما بدأ فطوبى للغرباء . قيل من هم يا رسول الله قال الذين
يصلحون إذا فسد الناس ] . (السلسلة الصحيحة حديث رقم/ 1273 ج3 ص276 )
فقد أشدة غربة أهل السنة في هذا الزمان وكثر مخالفوهم والطاعنون فيهم واعني بأهل السنة اصحاب دعوة الحق السلفيون -
منهجا وعقيدة وسلوكا ومعاملة واخلاقا ، فما أشد غربتهم بين الناس الذين تمسكوا بسنة رسولهم وعضوا عليها بالنواجذ وساروا
على منهج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين واتباعهم باحسان من أهل القرون المفضلة المشهود لها بالخيرية من رسول الهدى
صلى اللع عليه وآله وسلم حيث قال : خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم يتسمنون يحبون السمن
ينطقون الشهادة قبل أن يسألوها ] . ( السلسلة الصحيحة برقم 699 )
لقد سار الأئمة من السلف على هذا المنهج القويم وابتلوا فيه وامنتحنوا من اجله فصبروا واحتسبوا وجاهدوا أنفسهم حتلا لقوا الله
تعالى على هذا المنهج كامثال الإمام احمد ومالك والأوزاعي و شيخ الإسلام ابن تيمية وأبن القيم ومحمد بن عبدالوهاب وعبدالعزيز
بن باز والألباني وابن عثيمين -رحم الله الجميع -والعلامة الوالد ربيع السنة والعلامة النجمى والعلامة الفوزان -حفظهم الله
تعالى- وغيرهم كثير
فهذا طريق أهل الحق وانصار التوحيد والسنة جعلنا الله منهم وحشرنا الله في زمرتهم
قال ابن القيم رحمه الله وهو يتكلم عن الغربة
ولهذا جعل للمسلم الصادق في هذا الوقت إذا تمسك بدينه أجر خمسين من الصحابة .
ففي سنن أبي داود والترمذي من حديث أبي ثعلبة الخشني قال :
سألت رسول الله عن هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا
عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام
فإن من وراءكم أيام الصبر الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قلت يا رسول
الله أجر خمسين منهم قال أجر خمسين منكم .
وهذا الأجر العظيم إنما هو لغربته بين الناس والتمسك بالسنة بين ظلمات أهوائهم وآرائهم
فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقها في سنة رسوله وفهما في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع
والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على
قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع
متبوعه وإمامه فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون
عليه بخيل كبيرهم ورجله .
فهو غريب في دينه لفساد أديانهم
غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع
غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم
غريب في صلاته لسوء صلاتهم
غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم
غريب في نسبته لمخالفة نسبهم
غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم
على ما لا تهوى أنفسهم
وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال صاحب سنة بين أهل بدع داع
إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع آمر بالمعروفناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منىظكر والمنكر معروف.
من مدارج السالكين الجزء الثالث
قلا العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -
فالمؤمن لا يستوحش من قلة السالكين على طريق الهدى ولا يضره كثرة المخالفين .
قال الإمام الشاطبي في " الاعتصام " 01/11 - 12 ) :
" وهذه سنة ال000له في الخلق : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى :
( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) . سورة يوسف الآية 103
وقوله : ( وقليل من عبادي الشكور ) سورة سبأ الآية 13 ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة
إليه ( 1 ) فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنة بدعة
والبدعة سنة فيقام على
أهل السنة بالتريث والتعنيف ( 1 ) كما كان أولا يقام على أهل البدعة طمعا من المبتدع أن تجتمع كلمة الضلال ويأبى الله أن
تجتمع حتى تقوم الساعة فلا تجتمع الفرق كلها على كثرتها على مخالفة السنة عادة وسمعا بل لا بد أن تثبت جماعة أهل السنة
حتى يأتي أمر الله غير أنهم لكثرة ما تناوشهم الفرق الضالة وتناصبهم العداوة والبغضاء استدعاء إلى موافقتهم لا يزالون في جهاد
ونزاع ومدافعة وقراع أناء الليل والنهار وبذلك يضاعف الله لهم الأجر الجزيل ويثيبهم الثواب العظيم .
أسأل الله تعالى أن يثبتنا على السنة ويميتنا عليها .
وهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه العجالة والحمد لله رب العالمين .
______
( 1 ) كما فعل مؤلفو " الإصابة " بنا فإنهم بعد أن اضطربوا في بيان رأيهم في " صلاة العيد في الصحراء " كما سبق قالوا : "
والمسلمون لم يزل فيهم من يحافظون على الصلوات وعلى أوامر دينهم وصلاتهم فقامت هذه الشرذمة تنكر عليهم وتفرق جماعتهم
" .
فتأمل كيف جعلوا الدعوة إلى السنة تفريقا للجماعة وصدق من قال : رمتني بدائها وانسلت
______
( 1 ) يعني الإسلام يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ غريبا " فطوبى للغرباء "
رواه مسلم وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " ( 1273 ) .
من كتاب صلاة العيد في المصلى
فالصبر الصبر أتباع الحق فإن وعد الله حق ولا يخلف الله وعده ( ولينصرن الله من ينصره ) ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين )
( ياأيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لغلكم تفلحون)
وهذه قصيدة طيبة تسلي النفس وتزيد الهمم بعنوان - تسلية أهل الغربة - للشيخ سالم العجمي
كَفْكِفْ دُموعَكَ فالطريقُ طويلُ لا تَتْرُكِ الدَّمْعَ العزيزَ يسيلُ
2 في أولِ الدَّرْبِ الطويلِ تَحَسُّرٌ؟! ماذَا عَساكَ -إنِ ابْتُليتَ- تَقولُ
3 يا أيُّها السُّنِّيُّ لا تَجزع إذا شَحَّ الوُجودُ وهاجَمَتْكَ فُلولُ
4 واعْلَمْ بأنَّ اللهَ ناصِرُ عبْدِهِ وله مَقاليدُ الأمورِ تؤولُ
5 لا تَجزعنَّ مِن العدُوِّ وحِزْبِهِ إنَّ العَدُوَّ بِسَعْيِهِ مَخْذولُ
6 وتَعَزَّ بالصبْرِ الْجميلِ تَمَسُّكًا فلربَّما لَيْلُ العَناءِ يَطولُ
7 قد أجمعَ الواشُونَ كلَّ مكِيدةٍ طَبْعُ اللئامِ إلى الظَّلامِ يَمِيلُ
8 قَدْ أجْمعُوا حَرْبًا بكلِّ وسيلةٍ غَدْرًا وتشويهُ الكِرامِ سَبيلُ
9 ولقدْ تَسَمَّوا بالدِّيانَةِ والتُّقَى هَيْهاتَ ما بَلَغَ السَّخاءَ بَخِيلُ
10 رَكِبُوا الهَوى حتّى تشَتَّتَ سَعْيُهُمْ بِدَعٌ عَنِ الْهَدْيِ القَويم تَحُولُ
11 لاتَعْجَبَنَّ إنِ ابْتُلِيتَ بِمِثْلِهِمْ أوْ يَعتريكَ من الزمان ذهُولُ
12 فلَربَّما سادَ الأمورَ رُوَيْبِضٌ ولَرَبَّما سادَ الكرامَ ذليلُ
13 ولَربّما افتخر الجبانُ بطعنِهِ ظهْرَ الشُّجاعِ وسَيْفُهُ مسْلُولُ
14 اصْبِرْ على ظُلْمِ الظَّلْومِ وحِقْدِهِ فَلِشَمْسِ أيَّامِ الطُّغاةِ أُفُولُ
15 ها هُم إذا ما صارتِ الدنيا لهُمْ بَكَتِ الديارُ وصوتُهُنَّ عويلُ
16 لم يَتْرُكوا أرضًا بغيرِ جِنايَةٍ فِي كُلِّ جُزْءٍ مُثْخَنٌ وقَتِيلُ
17 لا تَجْزَعَنَّ فَلَيْس يَبقَى دائِمًا ضَيْمٌ ودَوْراتُ الزَّمانِ دَليلُ
18 أأُخَيَّ صَبْرًا إنَّ سُنَّةَ أحْمَدٍ مِثْلُ الْجِبالِ فَحَمْلُهُنَّ ثَقِيلُ
19 لا تَرْكَنَنَّ إلى الْخَذُولِ وقَوْلِهِ فَلَرُبَّما نَشَرَ السِّقامَ عَلِيلُ
20 ما قامَ بالشرعِ الحنيفِ مُخَذِّلٌ أوْ أبْصَرَ النورَ العَظيمَ كَلِيلُ
21 لا تَحْزَنَنَّ إنِ ابْتُلِيتَ بِعاذِلٍ إنْ راحَ بالتُّهَمِ الْجزافِ يَكِيلُ
22 واصْبِرْ على كَيْدِ الْحَسُودِ فإنَّهُ ما راعَ فُرْسان الْخُيولِ صهيلُ
23 تَمْضِي بِنا الأيامُ دونَ تَوقُّفٍ وقَضاءُ ربِّ العالَمِينَ جَميلُ
والحمد لله أولا وأخرا وظاهرا وباطنا ( ولله غيب السماوات والأرض واليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل
عما تعملون )
وصلى الله وسلم على عبده ورسواله محمد وغلى آله وصحبه