الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده
وبعد ، السلام عليكم ورحمة الله ، فهذا نقل لموضوع :
مفاسد القول بمنهج الموازنات بين الحسنات والسيئات "
للشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي
يقول حفظه الله تعالى:
إن القول بوجوب الموازنات في نقد أهل الباطل يؤدي إلي مفاسد كبيرة وخطيرة جدا ، أهمها :
1) تجهيل السلف.
2) رميهم بالظلم والجور.
3) تعظيم البدع وأهلها ، وتحقير أئمة السلف ، وما هم عليه من السنة والحق.
* * * * *
1 – أما رميهم بالجهل:
فإن هذا المنهج لو كان له هذه المنزلة في الإسلام ، لرأيت السلف الصالح أشد الناس له التزاماً ، وأشد الناس له تطبيقاً في كل أقوالهم ، في القريب والبعيـد والصديق والعدو ، ولأقاموا كتبهم وأقوالهم على هذا الميزان في حق الأفراد والجماعات ، وفي الصحف والمؤلفات.
كيف لا يكونون أقوم الناس به ، وهم سادة هذه الأمة ، وابرها ، وأصدقها ، واتقاها وأورعها ، وأقومها بالعدل والقسط ؟ !
يشهد بذلك واقعهم ، وتاريخهم ، وأعمالهم ، وجهادهم ، ونصحهم لله ، ولكتابه ولرسوله ، ولائمة المسلمين وعامته.
وقد شهد للصحابة الكرام سادة سادات هذه الأمة ، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجهادهم في نصرة دين الله ، وإقامة العدل في الدنيا التي فتحها الله على أيديهم.
ويشهد لمن بعدهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في قوله: (( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يأتي بعدهم أقوام يشهدون ، ولا يستشهدون ، وينذرون ولا يوفون ، ويكثر فيهم السّمَن )).
ويشهد لوُرّاثهم " أهل الحديث " ، و " أئمة الجرح والتعديل " الذين لا يُقبل إلا جرحهم وتعديلهم من بين سائر فرق الأمة ، وهم شهداء الله في الأرض.
فيشهد لهؤلاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى )).
فهم أهل الحق والصدق والعدل ، وهم ظاهرون على أهل الكفر ، وعلى أهل الزيغ والضلال ، بالحجة والبرهان والحق دائما ، وهم ظاهرون بالسيف والسنان – أحيانا – فلا تستطيع فِرَقُ الكفر أن تقارعهم بالحجة والبرهان ، ولا تستطيع فرق الضلال كلها أن تقف في وجوههم بالحجة والبرهان ، اللهم إلا بالشغب ، والافتراءات ، والطعون الكاذبة ، والشائعات الفاجرة.
2 – أما رميهم بالظلم والجور:
فان أقوالهم وكتبهم لتزخر بالجرح الخالص المُجرد من الموازنات ، فماذا يقال فيهم ، وفي أقوالهم ، ومؤلفاتهم التي هذا واقعها ، والتي تضاد هذا المنهج ؟
فلا مناص من واحد من أمرين:
إما أن نقول : إن نقدهم وجرحهم المُجرد من ذكر الحسنات قائم على الحق ، والعدل والنصح ، والعلم ، والورع ، والخشية لله رب العالمين ، وحماية دين الله ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أهل عدل وإنصاف ، ومنهجهم قائم على الحق ، وعلى الكتاب والسنة ، وقواعد الإسلام ، وعقائده الصحيحة.
وبهذا القول والتقرير يسقط المذهب المبتدع المخترع : " مذهب وجوب الموازنات بين الحسنات والسيئات ".
وإما أن يقال : إن نقدهم المُُُجرد من ذكر الحسنات ، والمقتصر على ذكر الجرح والسيئات ، قائم على الجور والظلم ، ومنهجهم قائم على الغش ، والجهل ، وعدم الورع ، والخشية لرب العالمين ، بعيد عن منهج الكتاب والسنة ، بعيد عن شريعة الله العادلة ، بعيد عن أصول الإسلام وقواعده الأصيلة ، فيكونون بهذا اظلم الخلق، وأبعدهم عن العدل.
ولكن ذلك لم يكن ، ويأبى الله ذلك والمؤمنون.
فسقط الباطل ، وتهاوت الدعاوى الفارغة ، وبطل ما يقولون من : " وجوب الموازنات بين الحسنات والسيئات عند نقد أهل البدع والضلالات ".
إما أهل السنة والجماعة فلا يدينون الله إلا بالقول الأول ، ويتولون السلف ومنهجهم في النقد القائم على الحق ، والعدل ، والإنصاف ، والنصح . . . إلخ.
وإما أهل المنهج المخترع ، المناهض للسلف ومنهجهم ، والمؤدي إلي الطعن فيهم وفي منهجهم ، والمؤدي إلي القدح في شهادتهم وتجريحهم وتعديلهم ، فإنهم – مع شديد الأسف- يتشبثون بهذا القول المبتدع المؤدي إلي الكوارث التي ذكرناها.
وهم الآن لا يطبقونه على أهل السنة المعاصرين ، السائرين على منهج السلف الكرام، بل يقذفونهم بالبوائق والدواهي ظلماً وبغياً ، ويذيعونها في أرجاء الأرض ، يفعلون كل ذلك انتصاراً لأهل البدع ، ومحاماة عنهم ، فيقع المساكين في حمأة الصد عن سبيل الله ، والصد عن منهج السلف من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، ويقعون في حمأة الدعوة إلي الباطل والبدع من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
3 – وأما الأمر الثالث: وهو تعظيم أهل البدع:
فهذا أمر واضح على من اعتنق مذهب الموازنات بين الحسنات والسيئات ،كيف لا؟!
وما أنشيء هذا المنهج إلا لهذا الغرض.
ولا شك أن من ينظر إلي عمل السلف من خلال منهج إيجاب الموازنات ، ويحكم على الناس من خلاله ، وهو جاد في ذلك ، فلابد أن يحتقر السلف ومنهجهم ، ويقدح فيهم ، وفي أحكامهم ، ومؤلفاتهم.
هذا ما يقضي به الشرع الحكيم ، والمنطق الصحيح ، والعقل الراجيح ، ولا محيص لهم من هذا الذي قررناه.
وبعد:
فأرى أن المسألة عظيمة ، وكبيرة ، وخطيرة ، والذي أدين الله به : انه يجب على العلماء الانتباه لهذا الخطر المدمر ، الذي يهدم كل ما شاده علماء الإسلام في ميدان الجرح والتعديل وفي ميدان نصرة السنة والدعوة إليها ، وإهانة البدعة والتحذير منها ومن أهلها في مؤلفاتهم في العقائد ونصرة السنة.
* * * *
• المصدر كتاب "المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء "للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى.
--------------------------------------------------
منقول من منابر المكتبة السلفية وهذا رابط النقل
http://www.slafia.com/montada/index.php?showtopic=23&pid=104&st=0&#entry104