الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد.....
فهذا نقل مبارك لعقيدة أهل السنة في أسماء الله وصفاته للعلامةابن عثيمين - رحمه الله تعالى
تعريف أهل السنة والجماعة: هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بها ظاهراً، وباطناً في القول، والعمل، والاعتقاد.
وطريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي:
أولا: في الإثبات: فهي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.
ثانياً: في النفي: فطريقتهم نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أوعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مع اعتقادهم ثبوت كمال ضده لله تعالي.
ثالثاً: فيما لم يَردْ نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم، والحيز والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه.
وهذه الطريقة هي الطريقة الواجبة، وهي القول الوسط بين أهل التعطيل، وأهل التمثيل.
وقد دل على وجوبها العقل، والسمع:
فأما العقل فوجه دلالته : أن تفصيل القول فيما يجب، ويجوز، ويمتنع على الله تعالى: لا يدرك إلا بالسمع فوجب اتباع السمع في ذلك بإثبات ما أثبته ، ونفي ما نفاه، والسكوت عما سكت عنه.
وأما السمع:فمن أدلته قوله تعالى:)ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون(. وقوله:) ليس كمثله شيء وهو السميع البصير( . وقوله: ) ولا تقف ما ليس لك به علم ( .
فالآية الأولى: دلت على وجوب الإثبات من غير تحريف، ولا تعطيل لأنهما من الإلحاد.
والآية الثانية: دلت على وجوب نفي التمثيل.
والآية الثالثة: دلت على وجوب نفي التكييف، وعلى وجوب التوقف فيما لم يرد إثباته أو نفيه.
وكل ما ثبت لله من الصفات فإنها صفات كمال، يحمد عليها، ويثنى بها عليه، وليس فيها نقص بوجه من الوجوه فجميع صفات الكمال ثابتة لله تعالى: على أكمل وجه.
وكل ما نفاه الله عن نفسه فهوصفات نقص، تنافي كماله الواجب، فجميع صفات النقص ممتنعة على الله تعالى: لوجوب كماله. وما نفاه الله عن نفسه فالمراد به انتفاء تلك الصفة المنفية وإثبات كمال ضدها، وذلك أن النفي لا يدل على الكمال حتى يكون متضمناً لصفة ثبوتية يحمد عليها، فإن مجرد النفي قد يكون سببه العجز فيكون نقصاً كما في قول الشاعر:
قبيله لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل
وقد يكون سببه عدم القابلية فلا يقتضي مدحاً كما لو قلت: الجدار لا يظلم.
إذا تبين هذا فنقول: مما نفى الله عن نفسه الظلم، فالمراد به انتفاء الظلم عن الله مع ثبوت كمال ضده وهو العدل، ونفي عن نفسه اللغوب وهو التعب والإعياء فالمراد نفي اللغوب مع ثبوت كمال ضده وهو القوة وهكذا بقية ما نفاه الله عن نفسه والله أعلم.
التحريف:
التحريف لغة: التغيير.
وفي الاصطلاح: تغيير النص لفظاً، أو معنى. والتغيير اللفظي قد يتغير معه المعنى وقد لا يتغير فهذه ثلاثة أقسام:
1. تحريف لفظي يتغير معه المعنى، كتحريف بعضهم قوله تعالى: ) وكلم الله موسى تكليماً( . إلى نصب الجلالة ليكون التكليم من موسى.
2. وتحريف لفظي لا يتغير معه المعنى، كفتح الدال من قوله تعالى: ) الحمد لله رب العالمين( وهذا في الغالب لا يقع إلا من جاهل إذ ليس فيه غرض مقصود لفعله غالباً.
3. تحريف معنوي وهوصرف اللفظ عن ظاهره بلا دليل، كتحريف معنى اليدين المضافتين إلى الله إلى القوة والنعمة ونحو ذلك .
التعطيل:
التعطيل لغة: التفريغ والإخلاء.
وفي الاصطلاح هنا: إنكار ما يجب لله تعالى: من الأسماء والصفات، أو إنكار بعضه فهو نوعان:
1. تعطيل كلي، كتعطيل الجهمية الذين ينكرون الصفات وغلاتهم ينكرون الأسماء أيضاً.
2. تعطيل جزئي، كتعطيل الأشعرية الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض، وأول من عرف بالتعطيل من هذه الأمة هو الجعد بن درهم.
التكييف .
التكييف: حكاية كيفية الصفة، كقول القائل: كيفية يد الله أو نزوله إلى السماء الدنيا كذا وكذا.
التمثيل، والتشبيه:
التمثيل: إثبات مثيل للشيء.
والتشبيه: إثبات مشابه له.
فالتمثيل يقتضي المماثلة، وهي المساواة من كل وجه، والتشبيه يقضي المشابهة وهي المساواة في أكثر الصفات، وقد يطلق أحدهما على الآخر.
والفرق بينهما وبين التكييف من وجهين:
أحدهما: أن التكييف أن يحكي كيفية الشيء سواء كانت مطلقة أم مقيدة بشبيه، وأما التمثيل والتشبيه فيدلان على كيفية مقيدة بالمماثل والمشابه.
ومن هذا الوجه يكون التكييف أعم، لأن كل ممثل مكيف ولا عكس.
ثانيهما: أن التكييف يختص بالصفات، أما التمثيل فيكون في القدر، والصفة، والذات، ومن هذا الوجه يكون أعم لتعلقه بالذات، والصفات والقدر.
ثم التشبيه الذي ضل به من ضل من الناس على نوعين:
أحدهما: تشبيه المخلوق بالخالق.
والثاني: تشبيه الخالق بالمخلوق.
فأما تشبيه المخلوق بالخالق فمعناه: إثبات شيء للمخلوق مما يختص به الخالق من الأفعال، والحقوق، والصفات.
فالأول: كفعل من أشرك في الربوبية ممن زعم أن مع الله خالقاً.
والثاني: كفعل المشركين بأصنامهم حيث زعموا أن لها حقّاً في الألوهية فعبدوها مع الله.
والثالث: كفعل الغلاة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره مثل قول المتنبي يمدح عبد الله بن يحيى البحتري:
فكن كما شئت يا من لا شبيه له وكيف شئت فما خلق يدانيكا
وأما تشبيه الخالق بالمخلوق فمعناه: أن يثبت لله تعالى: في ذاته، أو صفاته من الخصائص مثل ما يثبت للمخلوق من ذلك، كقول القائل: إن يدي الله مثل أيدي المخلوقين، واستواءه على عرشه كاستوائهم ونحو ذلك.
وقد قيل: إن أول من عرف بهذا النوع هشام بن الحكم الرافضي والله أعلم.
الإلحاد[u]:
الإلحاد في اللغة: الميل.
وفي الاصطلاح: الميل عما يجب اعتقاده، أو عمله وهو قسمان:
أحدهما: في أسماء الله.
الثاني: في آياته.
فأما الإلحاد في أسمائه:فهوالعدول عن الحق الواجب فيها وهو أربعة أنواع:
1. أن ينكر شيئاً منها، أو مما دلت عليه الصفات، كما فعل المعطلة.
2. أن يجعلها دالة على تشبيه الله بخلقه، كما فعل المشبهة.
3. أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه، لأن أسماء الله توقيفية كتسمية النصارى له "أبا " وتسمية الفلاسفة إياه " علة فاعلة " ونحو ذلك.
4. أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام كاشتقاق" اللات "من الإله و" العزى" من العزيز.
وأما الإلحاد في آياته: فيكون في الآيات الشرعية. وهي ما جاءت به الرسل من الأحكام، والأخبار، ويكون في الآيات الكونية. وهي ما خلقه الله ويخلقه في السموات والأرض.
فأما الإلحاد في الآيات الشرعية: فهو تحريفها: أو تكذيب أخبارها، أو عصيان أحكامها.
وأما الإلحاد في الآيات الكونية: فهو نسبتها إلى غير الله، أو اعتقاد شريك، أو معين له فيها
------------------------------------------
منقول من كتاب فتح رب البرية بتخليص الحموية للشيخ العثيمين رحمه الله
وهذا رابط النقل تفضل من هنا
http://www.slafia.com/montada/index.php?showtopic=12&pid=127