الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين
وبعد...
العلامة الفوزان يقول - تصنيف الناس على مقتضى الشرع جائز بل قد يكون واجبا لبيان الحق و..
أكد الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بأن الخوض والقول هذه الأيام في تصنيف الناس قد كثر بمعنى تقسيمهم والتمييز بينهم من حيث مذاهبهم وهذا الامر فيه تفصيل لابد من بيانه خشية الالتباس وذلك على الوجه التالي:
1- تصنيف الناس بحسب الهوى ومن باب التفاخر فهذا منهي عنه ولا يجوز قال الله تعالى (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( كلكم لآدم وآدم من تراب. لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود الا بالتقوى) فالتميز انما هو بالتقوى لا باللون والجنس.
2- تصنيف الناس بحسب اعتقاداتهم واعمالهم لإنزال كل منهم منزلته ومعاملته بما يليق به فهذا امر واقع وامر مشروع فالناس ليسوا على حد سواء فمنهم الكافر والمؤمن والمنافق والبر والفاجر وهذا التصنيف وارد في الكتاب والسنة ولا محال لإنكاره لأنه ثابت شرعا وواقع فعلا وفي المثل ( من كان الناس عنده سواء فليس لعلته دواء).
3- تصنيف المؤمنين بحسب ما أتاهم الله من العلم والإيمان والعمل قد جاء في الكتاب والسنة قال تعالى ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) وقال تعالى ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله). الآية.
وقال تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذي لا يعلمون) وقال تعالى ( لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى).
4- تصنيف المؤمنين إلى سني وبدعي والى مؤمن كامل الايمان ومؤمن ناقص الايمان والى مستقيم وعاص لانزال كل منزلته ومعاملته بما يليق به شرعا واعطائه حقوقه اللائقة به امر مشروع قال النبي صلى الله عليه وسلم (انزلوا الناس منازلهم).
5- تصنيف الكفار بحسب مللهم ومعاملة كل منهم بحسب ما شرعه الله في حقه امر ضروري واجب شرعي فالكافر الكتابي له احكام والكافر الوثني أو الملحد له احكام أخرى هذا في الدين.
واضاف الشيخ الفوزان اما في الآخرة فجميعهم في النار إذا ماتوا على الكفر وقد يتفاوتون في العذاب وعلى كل فلابد من التمايز بين المؤمنين والكفار واهل السنة واهل البدعة قال الله تعالى ( ان الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم أولياء بعض). إلى قوله تعالى ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعضهم الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .
قال الامام بان كثير رحمه الله :
ذكر تعالى اصناف المؤمنين وقسمهم إلى مهاجرين أخرجوا من ديارهم واموالهم وجاءوا لنصرة الله ورسوله وإقامة دينه وبذلوا أنفسهم واموالهم في ذلك والى انصار وهم المسلمون من اهل المدينة إذ ذاك آووا اخوانهم المهاجرين في منازلهم وواسوهم في اموالهم ونصروا الله ورسول بالقتال معهم فهؤلاء (بعضهم أولياء بعض) أي كل منهم احق بالآخر من كل أحد الى ان قال رحمه الله على قوله تعالى ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) لما ذكر تعالى ان المؤمنين بعضهم أولياء بعض قطع الموالاة بينهم وبين الكفار. ومعنى قوله تعالى ( الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) اي أن لم تجانبوا المشاركين وتوالوا المؤمنين والا وقعت الفتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمن بالكافر فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل. انتهى كلامه رحمه الله.
6- لا يجوز تصنيف المؤمنين بالظن لأن الأصل في المؤمن الخير فلا تجوز اساءة الظن به قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم) وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).
وبين الشيخ الفوزان بان تصنيف الناس ليس جائزا مطلقا ولا ممنوعا مطلقا. بل لابد من التفصيل حسب الأدلة. وتصنيف الناس حسب الأدلة لا يعني تحريم التعامل بينهم فيما اباح الله من البيع والشراء وتبادل المنافع والخيرات النافعة والتمثيل الدبلوماسي بينهم ومكافأة المحسنين من جميع الاطراف حسبما جاءت به الأدلة ومنع التظالم فيما بينهم قال تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).
ويجب على المسلمين نحو الاطراف الأخرى المخالفة لهم دعوتهم إلى الله وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وجهادهم لإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن الكفر إلى الإيمان ولا يتركوهم في غيهم وضلالهم وهم يقدرون على بذل الأسباب لانقاذهم قال تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). أي كنتم خير الناس للناس وتبين من هذا ان مقولة منع تصنيف الناس فيها تفصيل وان التصنيف الجاري على مقتضى الشرع جائز بل قد يكون واجبا لبيان الحق ورد الباطل وعدم الالتباس والا لماذا صنفت كتب الفرق والملل والنحل مثل كتاب (الفرق بين الفرق) للبغدادي والملل والنحل للهشرستاني ومقالات الاسلاميين للأشعري والفصل لابن حزم هذا وبالله تعالى التوفيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم.
ملحق الرسالة - الجمعة 4 جماد الآخر 1427 - الموافق - 30 يونيو 2006 - ( العدد 15773
http://www.almadinapress.com/index.a...ticleid=163755
__________________
قال فضيلة الشيخ العلامة
ربيع بن هادي عمير المدخلي - حفظه الله-
أسأل الله أن تؤدي هذه المواقع السلفية ثمارها المرجوة التي يحبها الله ويرضها