كان سماحة الشيخ مشتهر بالتواضع مع الصغير، والفقير، وسائر الناس.
وللأطفال، وصغار السن تقدير ورحمة وعطف من لدن سماحته؛ فهو يتلطف بهم، ويأنس بمحادثتهم.
فإذا سلَّم على سماحة الشيخ أحد ومعه أحد أطفاله سلم سماحته على الصغير، وشد على يده وقال: ما اسمك ؟ وأين تدرس ؟.
فإذا عرف مستواه وجَّه إليه بعض الأسئلة الملائمة له وهو ممسك بيده، كأن يقول: لأي شيء خلقت؟
فإن أجاب؛ وإلا لقنه بقوله: قل: لعبادة الله، ثم يقول سماحته: ما الدليل ؟ فإن أجاب وإلا قال: قل: قوله_تعالى_: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ] الذاريات: 56.
وأحياناً يَسْأل الصغيرَ فيقول: هل تحفظ القرآن ؟ أو: كم تحفظ من القرآن ؟
وأحياناً يوجه إليه بعض الأسئلة في النحو كأن يقول: أعرب: الله أكبر.
أو يقول: ما معنى: لا إله إلا الله؟ أو من ربك؟ وما دينك، ومن نبيك؟
فإن أجاب وإلا علمه بلطف، وهكذا.
ثم إذا أراد الطفل الانصراف قال له سماحته: أصلحك الله، وبارك فيك، وربما قال: ابْعَدِي ([1]) .
وربما طلب من الصغير أن يقرأ بعض الآيات من القرآن، وربما سأله عن دراسته، وأوصاه بالالتحاق بالمعهد العلمي وكلية الشريعة.
وربما سأل الصغير الذي يأتي مع والده أو قريبه والناس واقفون.
وسماحته يريد من ذلك استمالة قلب الوالد، وتربية الصغار على الشجاعة الأدبية، وعلى الثقة بالنفس، والحديث أمام الناس.
ولا ريب أن هذا الصنيع من التربية العملية، التي يبقى لها الأثر الكبير في نفوس النشء ووالديهم والحاضرين.
ولهذا ترى آثارالتعجب، والفرح بادية على وجوه الحاضرين وهم يرون سماحته يقوم بهذا العمل.
وكم من كلمة أو نصيحة من سماحته أثَّرت في نفس هذا الصغير؛ فكانت نبراساً له في حياته.
وإني أعرف عدداً من طلاب العلم كان سبب توجههم إلى طلب العلم الشرعي أن سماحة الشيخ نصحه بطلب العلم، وملازمة العلماء، والتفقه في الدين، والالتحاق بكلية الشريعة، أو المعهد العالي، أو بالشيخ فلان.