التوحيد أولاً وآخراً
مقال لفضيلة الشيخ / عبدالله العبيلان حفظه الله تعالى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له واشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله.
أما بعد :
فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
في هذه الليلة المباركة ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر ذي القعدة من العام ألف وأربعمائة وستة وعشرون من الهجرة النبوية.
حديثي هذه الليلة إنما هو في أمر عظيم أمر فرق الله عز وجل بسببه ولأجله بين العباد (ولذلك خلقهم) ألا وهو التوحيد كما سيأتي بيانه هو اعظم أمر أمر الله به العباد فإذا صلح توحيد الإنسان فان مادون التوحيد أمره هين ولم يميزنا الله تبارك وتعالى عن غيرنا من الأمم اليهود والنصارى والهندوس والبوذيين وغيرهم من الوثنيين إلا بالتوحيد .
ومحور هذه المحاضرة يتضمن أموراً ثلاثة :
1- ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يدل على عظم أمر التوحيد وأهميته وانه الغاية في كل ما
يفعله المسلم وما يدعه .
2- الكلام عن الشرك ومضار الشرك .
3- الكلام على طريقة الشارع في حمايته لحمى التوحيد .
فأقول وبالله التوفيق :
الوجه الأول : التوحيد هو غاية الخلق فان الله تبارك وتعالى إنما خلق الجن والأنس ليوحدوه , ولذا قال تبارك وتعالى
( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فقوله يعبدون أي يوحدون فان المرء لاتنفعه صلاة ولا صيام ولا حج ولا إحسان ولا بر مالم يكن موحدا
وماهو التوحيد ؟
التوحيد هو إفراد الله بالعبادة ؛ إفراده بالتعلق ولذلك غاية التوحيد من حيث المعنى انه إفراد الله بالتعلق بالعبادة وأما الشرك فغايته التعلق بغير الله .
والتوحيد يقوم على ركنين أساسيين قل من يجمع بينهما من الخلق وهذان الركنان دلت عليها كلمة التوحيد لا اله إلا الله ودل عليهما قوله تبارك وتعالى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ) ما معنى يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ؟
هو معنى لا اله إلا الله فإنها جمعت بين أمرين :
الأول : نفي العبادة عما سوى الله .
الثاني : إثبات العبادة لله .
ولذا كان معنى لا اله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله تبارك وتعالى , ومن هنا فانه يخطئ من يظن أن معنى لا اله إلا الله أي لا خالق ولا رازق ولا مالك ولا مدبر إلا الله فهذا وان كان حق وهو نوع من أنواع التوحيد لكنه ليس التوحيد الذي ينجوا به العبد من عذاب الله ولذا لما قيل لكفار قريش ( وإذا قيل لهم لا اله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون ) ويقولون ( اجعل الآلهة إله واحد ) وهم في نفس الوقت يقول الله عنهم ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) ولذلك إذا أردت أن تعرف أن هذا ليس هو التوحيد الذي دعا إليه أنبياء الله أقوامهم من نوح إلى محمد فلو سئلت يهودي أو نصراني من خلق السموات ؟ ليقول لك الله , بل إن هذا الأمر لا يكاد ينكره إلا مستكبر وإلا فقد قال الله تعالى ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ).. (إن في صدورهم إلا كبرا ماهم ببالغيه ).
إذن لتعلم أخي المسلم أن العبادة إذا لم تكن خالصة لله فإنها لا تنفع صاحبها كما سيأتي بيانه إن شاء الله ,
ولذا قال تعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) فسرها ابن عباس وغيره إن الإيمان المذكور في الآية هو الإيمان بربوبية الله أي توحيد الربوبية . فهم يؤمنون بان الله هو الخالق الرازق ومع ذلك يشركون مع الله غيره في العبادة . إذن الوجه الأول الذي يدل على عظم أمر التوحيد انه الغاية من خلق الجن والإنس .
الوجه الثاني : أن توحيد العبادة هو الغاية من إنزال الكتب السماوية ولذا قال تعالى ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير ) .
الوجه الثالث : أن توحيد الألوهية هو الغاية من إرسال الرسل قال سبحانه وتعالى ( ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )
الوجه الرابع : أن توحيد الألوهية هو الغاية من تطهير بيت الله كما قال تعالى ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )
الوجه الخامس : أن توحيد العبادة غاية الجهاد وقتال الكفار فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها) .
الوجه السادس : أن توحيد الألوهية هو دعوة جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام فكانوا يدعون أقوامهم إلى عبادة الله تعالى وحده ويقولون لأقوامهم ( اعبدوا الله مالكم من اله غيره ).
الوجه السابع : أن توحيد العبادة أول دعوة الرسل كما يظهر ذلك من آيات القران الكريم وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله ) .
الوجه الثامن : أن توحيد العبادة كما أنه أول دعوة الرسل وكذلك هو آخر دعوة الرسل أيضا , فهو أول الأمر وآخر الأمر فقد وصى بها يعقوب عليه الصلاة والسلام بنيه فقال ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إله واحد ونحن له مسلمون ) وقالت عائشة كما في الصحيحين لما حضرت النبي صلى الله عليه وسلم الوفاة جعل يطرح طرف خميصة على وجهة وكل ما اغتم كشفها وهو يقول ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فهذه كانت آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لمن لقدوة الناس بعده لأصحابه رضي الله عنهم.
الوجه التاسع : أن توحيد الألوهية أول واجب وأخر واجب وأول ما يدخل به المرء في الإسلام أما بالنسبة للأولية فقد تقدم وأما بالنسبة لكونه أخر واجب وأنه يجب خروج المرء به من الدنيا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان أخر كلامه من الدنيا لا اله إلا الله دخل الجنة ) وقال أيضا في الصحيح ( من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة ) .
الوجه العاشر : أن المرء لا يدخل في الإسلام ولا يصير موحد بمجرد إيمانه واعترافه بتوحيد الربوبية ولو أفنا عمره في ذلك حتى يؤمن ويقر بتوحيد الألوهية ولذا قال تبارك وتعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ).
الوجه الحادي عشر : أن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى عمل احد ولا يقبله إلا بعد أن يأتي بالتوحيد ولذا بوب البخاري من قوله تعالى : ( فاعلم انه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) بوب قال : باب العلم قبل القول والعمل وأعظم العلم وأشرفه هو العلم بالتوحيد بما دلت عليه كلمة التوحيد ولذا قال تبارك وتعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولي العلم قائما بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم )
*انتقل إلى نقطة أخرى وهي ما يضاد التوحيد ألا وهو الشرك ,
فالشرك كما لا يخفى عليكم هو تسوية المخلوق بالخالق في ماهو من خصائص الله أي ما لا يجوز صرفه لغير الله ولذا قال تبارك وتعالى عن بعض المشركين قال تبارك وتعالى عنهم ( قالوا تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) إذن الشرك وأعني الشرك الأكبر هذا كما سيأتي ضرره أعظم من ضرر أي معصية أخرى من المعاصي كما سيأتي بيانه وتفصيله.
- الثاني بيان أضرار الشرك بالله :
أولا : أن الله لا يغفر الشرك إلا بالتوبة النصوح قال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء )
- ما الفرق بينه وبين بقية المعاصي ؟
بقية المعاصي إذا مات الإنسان مصر عليها فان عقيدة أهل السنة والجماعة أن أمره إلى الله إن شاء عذبه وان شاء غفر له , أما من مات على الشرك فإنه لا يغفر ذنبه ومآله إلى النار عياذ بالله من النار .
الثاني: انه لا يجوز الاستغفار للمشرك بعـد موته قال سبحانه ( ما كان للنبي والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ماتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) وقال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم ( استأذنت ربي أن ازور قبر أمي فأذن لي واستأذنته أن استغفر لها فلم يأذن لي ).
الثالث : أن الشرك سبب دخول النار ابد الآبدين وعدم دخول الجنة قال تعالى ( انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )
الرابع : أن الشرك يحبط العمل قال تعالى ( ولوا أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) .
الخامس : أن الله ضرب للمشرك مثلا موبقا هادما فقال تعالى ( حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله كأنما خر من السماء فتخطفه الطيراو تهوي به الريح في مكان سحيق )
السادس : أن الشرك رجس وان المشرك نجس قال سبحانه وتعالى ( يأيها الذين امنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) .
السابع : أن الشرك ظلم عظيم قال الله عز وجل عن عبده لقمان وهو يوصي ابنه : ( يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) .
الثامن : أن الشرك اكبر ذنب على الإطلاق فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو بكرة رضي الله عنه ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالها ثلاثا قالوا بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين .... الحديث ) .
انتقل إلى المسالة الثالثة وهي المهمة التي يحتاج إلى معرفتها كل وحد منا ألا وهي ,
طريقة الشارع في حماية حمى التوحيد :
المسالة الأولى : أن الشارع حذر من الغلو فقال تبارك وتعالى ( يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إياكم والغلو في الدين فان الغلو في الدين اهلك من كان قبلكم ).
المسالة الثانية : النهي الشديد عن صورة ذي الروح ولا سيما صور المعظمين وقد ورد التغليظ في المصورين فيما لا يخفى عليكم وانه يؤمر يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ .
المسألة الثالثة : التحذير البالغ من بناء القبب والمساجد على القبور وأنها هذا سبب مباشر للإشراك بالله تعالى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصور فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله ).
المسألة الرابعة : المنع الشديد والنهي البالغ عن تعظيم القبور بما لم يأذن به الشرع كالصلاة إليها أو عليها أو بينها أو فيها وتجصيصها وتزيينها والكتابة عليها أو مضاهاتها فعن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها ) .
المسالة الخامسة : الأمر بهدم بناء القبب والمساجد على القبور والأمر بتسويتها فقد قال ثمامة بن شفي كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يأمر بتسويتها يعني تسوية القبور ).
المسألة السادسة : التحذير الشديد من زيارة القبور للصلاة في المساجد عليها أو الدعاء عندها على ظن أن هذا أسرع إجابة أو للتبرك بها أو جعلها عيدا أو للحج إليها يشد إليها الرحال أو زيارتها لعبادة الله عندها في أي نوع كان من أنواع العبادة من ذبح أو نذر أو إعتكاف أو قراءة القران أو غير ذلك فان كل هذا من اعظم أسباب الوثنية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ...... الحديث ).
المسألة السابعة : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور مطلقا ثم إذنه بالزيارة وذلك للتزهيد بالدنيا وتذكير الآخرة والدعاء لأهل القبور بالمغفرة فقط هذا هو الغرض من الأذن في زيارة القبور لا لغرض أخر وبدون شد الرحال والحج والسعي إليها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) إذن العلة في نهيه عن زيارة القبور هو سد لباب من الأبواب التي قد تفضي إلى الشرك فلما تمكن العلم من قلوب الصحابة وعرفوا التوحيد وعرفوا الشرك علما وعرفوه معرفة تامة أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور .
المسألة الثامنة : الوعيد الشديد في تعظيم الإنسان في مالم يأذن به الشرع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من سره أن يتمثل له الرجال قياما فلتبؤ مقعده من النار ) .
المسألة التاسعة : التحذير من طاعة المخلوق في معصية الخالق لأن عواقبها وخيمة ومنها التقليد الأعمى والتعصب الحزبي المذهبي ورد النصوص لأجل أقوال الأئمة فهذا من عبادة غير الله قال تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ).
المسألة العاشرة : الاحتراز عن التمائم والاحتياط في الرقى لتأكد من الرقية الشركية من الرقية السنية ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ) وإنما كان النهي عن تعليق التمائم لأن هذا من تعلق القلب بغير الله وقد سمعتم قبل قليل أن غاية الشرك هو التعلق بغير الله .
المسألة الحادية عشر : النهي عن الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله أو في معبد للمشركين أو وثن لهم أو عيد من أعيادهم فقد قال ثابت بن الضحاك نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر ابل ببوانه فأت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت أن انحر ابل ببوانه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هل كان فيها وثن من أوثانهم فقالوا لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك فانه لا وفاء بنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ).
المسألة الثانية عشر : التحذير الشديد من كل مافيه وسيلة إلى الشرك بحجر أو شجر سد لذريعة الشرك فقد قال عمر بن الخطاب الفاروق حين قبل الحجر الأسود ( إني اعلم انك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك )
المسألة الثالثة عشر : المنع عن تتبع أثار الأنبياء والمرسلين فضلا عن الأولياء والصالحين لتقبلها واستلامها والالتزام بها وإجلالها أو التبرك بها أو الصلاة فيها أو الدعاء فيها وعندها من مساجدهم أو بيوتهم أو مجالسهم أو مقاماتهم ونحوها فيما لم يرد في الشرع الترغيب في تتبعها ولذا قال روى المعرور بن سويط قال خرجنا مع عمر في حجة حجها فقرأ بنا في صلاة الفجر ( الم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) ( ولإيلاف قريش) فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون فقال ما هذا فقالوا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر ( هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا أثار أنبيائهم بيعا من عرضت له منكم صلاة فيه فليصل ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصلي ) ولذا قال الصنعاني في الثناء على دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .
سـلام عـلى نجـــد ومـن حل في نـــجـد
وان كان تسليمي على البعد لا يجد
إلى أن قال في الثناء عليه :
ويعـمر أركان الشريعة هادما
مشاهـد ضل النـاس فيـها عـــن الــــــرشد
أعادوا إليها معنى سواع ومثله
يغوث وودا وبئــــــــــس ذلــك مــــــن ود
وقد هتـفـوا عند الشدائد باسـمــهـــــــا
كما يهـتف المضطر بالصمد الفرد
وكم عقروا في ســــواحها من عـقيـدة
أهـلت لغير الله جهلا علـــى عـمـد
وكم طائف حــــــــــــول القــبور مقـبلا
وملتـمس الأركــان منهـن بالأيـــد
أقف إلى هذا الحد وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن وفقه الله إلى تحقيق التوحيد فإن تحقيق التوحيد هو أعظم عمل يتقرب بها المسلم إلى ربه ولذا جاء في الصحيح من حديث سعيد بن جبير يرويه عن ابن عباس انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن سبعين ألف من هذه الأمة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ) قال فخاض الناس في هؤلاء السبعين ألف منهم فـقيل هم الذين صحبوا النبي وقيل هم الذين ولدوا في الإسلام فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال ( هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون ) يعني أنهم متعلقون بالله لم ينظروا إلى غيره تبارك وتعالى وهذا تحقيق التوحيد وتحقيق التوحيد هو أمر فوق ماهية التوحيد وإنما يكون تحقيق التوحيد بأمور ثلاث:
الأمر الأول : تحقيقه يعني تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدعة والمعصية فالشرك ينافي التوحيد بالكلية والبدعة تنافي كماله الواجب والمعصية تقدح فيه وتنقص ثوابه فمن أراد أن يحقق التوحيد فعليه أن يسلم توحيده من هذه الأمور الثلاثة , والمعصية لا يراد بها صغائر الذنوب فإن صغائر الذنوب تكفرها الصلاة والصيام وإنما المراد بالمعصية هي كبائر الذنوب وإلا قد قضى الله تبارك وتعالى أن من ترك واجتنب كبائر الذنوب فإن الله يكفر عنه سيئاته في قوله تبارك و تعالى ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
منقول من موقع الاسلام العتيق