وهو نوعان :
أ ـ تدليس الإسناد : وهو أن يروي الراوي عـن مـن سـمع مـنه ما لـم يسمعه منه ويروي عنه بصيغ : عن , أن , وقال , وتحته أنواع :
1 ـ تدليس القطع : أو تدليس السكوت كما حصل من عبيد الطنافسي قال حدثنا الزهري ثم سكت فإذا سؤل هل حدثك الزهري فيقول لا حدثنا فلان عنه وهذا يفعله سفيان بن عيينة وقد يسقط اثنين يفعله للاختبار وإذا سئل بين .
2 ـ تدليس العطف : كـما حصـل مـن هشـيم بن بشـير فـقد كان يدلـس واتفق تلاميذه عـلى أن يوقفوه إذا دلـس عليهم وشعـر بما أقـدموا عليه فقال حـدثني حصين ومغيرة عن إبراهيم ثم أورد أحاديث عـدة وفي أخـر المجلس قال لهم هـل دلست اليوم عـليكم قالوا لا قال بل دلسـت قلت حـدثني حصين ومغيرة وما حـدثني إلا حصين وأما مغيرة فحدثت عنه وبعض أهل العلم يضعف إسناد هذا المثال .
3 ـ تدليس التسوية : وهـو إسـقاط ضعـيف بين ثقتين كـلا منهـما سـمع مـن الأخر , وهـو أخطر أنواع التدليس ومعروف به راويان الوليد بن مسلم وقد كان يدلس عن شيخه الأوزاعي وبقية بن الوليد وقد قال العلماء:
أحاديث بقية غير نقية فكن منها على تقية
ب ـ تدليس الشيوخ : وهـو أن يصـف الراوي شـيخه بما لا يعـرف أو يكنيه لأسباب منها :
1 ـ تكثير الشيوخ .
2 ـ صغر سن الشيخ .
3 ـ ضعف الشيخ .
ومن أنواع التدليس :
ـ تدليس البلاد .
ـ تدليس الصيغ .
والتدليس مكـروه بل قــد يحضـر, قال شعبة " لأن أزني خـير مـن أدلـس" قلت وإذا جاء الحديث من طريق شعبة عن المدلس يقبل ولو عنعن .
وإن كان التدليس للاختبار فلا بأس به .
ـ حكم التدليس : ليـس كـل التدليس يرد وليـس كـله يقبل بل يدرس كـل ســند لحاله وهذه بعض الفوائد المساعدة في هذا الباب :
1 ـ مدلس التسوية لابد أن يصرح فيما بينه وبين شيخه وهل يصرح في كل السند خلاف في ذلك والأحوط نعم .
2 ـ مــن كــان تدليسـه قـليل كالثـوري وابن عيينة فـقـد احتمل العـلماء تدليسـهما وســلكوه والأعمش كذلك إلا في حالة ما إذا كان المتن فيه نكارة .
3 ـ مـن كـان ثبتا فـي شـيخه وقليل التدليس كثابت فـي شـيخه أنـس فإنه أيضا يسلك تدليسه ما لم يكن في السند أو المتن ضعف أخر .
ـ كيف يعرف التدليس ؟
ـ بجمع طرق الباب , قال ابن المديني " فالحديث إذا لم تجمع طرقه لـم تتبين علته ".
ـ ما لفرق بين المدلس والمرسل الخفي ؟
المدلس أن يروي عـن مـن سـمع منه ما لـم يسمعه منه والمـرسـل الخفي أن يروي الراوي عن من عاصره ما لم يسمعه منه .
القسم الثاني : ما كـان الضعف فيه بسبب الطعـن فـي الراوي , وهــو أنواع منها :
1 ـ الحديث الشاذ : وهـو أن يروي الـراوي المقبول مخالفا لمـن هـــو أولى منه أو هـو تفرد مـن لا يحتمل تفرده ولـو لـم يخالف ويقال للمقابل محفوظ .
ـ والشذوذ يكون في المتن ويكون في الإسناد
مثاله في المتن :
ما رواه أبو داود من طريق عبدالواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلى أحدكم الفجر فليضطجع على يمينه ) .
عبدالواحد بن زياد ليس من الحفاظ وقد خالفه أصحاب الأعمش فرووه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله .
ومثاله في الإسناد :
ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رجلا توفي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثا إلا مولا هو أعتقه )
تابع ابن عيينة على وصله ابن جريج عند النسائي وعند أبي داود عن حماد بن سلمة عن عمرو به وخالفهم حماد بن زيد عن عمرو عن عوسجة مرسلا عند البيهقي وحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط ولكن خالفه من هو أكثر عددا منه وأحفظ فالطريق المحفوظة طريق ابن عيينة قال أبو حاتم الطريق المحفوظة طريق ابن عيينة .
ـ الحافظ إذا تفرد تقبل زيادته وهذا في الأعم الأغلب وقد يرد للحافظ بعض الزيادات وزيادة الثقة على الصحيح تقبل مع القرائن انظر شرح العلل لابن رجب .
2 ـ المنكر : وهـو أن يروي الـراوي الضـعيف مخالفا لمن هو أولى منه , أو هـــو تـفـرد الضعيف ولو لم يخالف , وعـند أحمد والبرديجي تفرد الـراوي مطلقا ويقال للمقابل المعروف وكان أهل العلم المتقدمين لا يفرقون بين الشاذ والمنكر .
مثاله :
ما رواه ابن أبي حاتم عبدالرحمن بن محمد بن إدريس من طريق حُبَيب بن حَبيب عن أبي إسحاق الهمداني ( عمرو بن عبيد السبيعي ) عن العيزار بن حريث عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا ( من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وصام وقرى الضيف دخل الجنة ) , وقد رواه ابن أبي شيبة والطبراني وغيرهما , قال أبو زرعة هذا حديث منكر لان فيه حُبَيب حَبيب وهو ضعيف وقد رواه غيره موقوفا .
ـ قاعدة :
الراوي الثقة راوي الصحيح قد يعد حديثه منكرا إذا تفرد بروايته عمن ضعف فيه
مثاله :
معمر عن قتادة , فمعمر ثقة حافظ إلا أن روايته عن قتادة شيخه ضيعفة لأنه سمع منه وهو صغير فلم يحفظ عنه الأسانيد فإذا تفرد بحديث عن قتادة ولم يتابعه عليها الثقات أو زاد زيادة فيه كانت منكرة .
3 ـ المضطرب : وهـو الحديث الذي يروى عـلى أوجـه متعددة (مختلفة) متساوية في القوة ولا يمكن الترجيح بينها أو الجمع , ويكون الاضطراب في المتن ويكون في السند .
مثاله في المتن :
أورده العراقي في التقييد والإيضاح من طريق فاطمة بنت قيس ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الزكاة فقال إن في المال لحقا سوى الزكاة ) , رواه الترمذي من طريق شريك عن أبي حمزة عن الشعبي من طريق فاطمة بنت قيس , ورواه ابن ماجه من هذا الطريق ( ليس في المال حق سوى الزكاة ) , يقول العراقي فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل . هـ
لكن وجدت في تدريب الراوي للسيوطي هذا المثال لا يصلح للمضطرب لان شيخ شريك ضعيف .
مثاله في السند :
عند الدار قطني في العلل من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : شبت يا رسول الله قال : ( شيبتني هود وأخواتها ) , فقال اختلف فيه اثني عشر وجها وقد فصلها ابن حجر في كتاب على ابن الصلاح , قال ابن حجر اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي فيروى عنه عن عكرمة عن أبي بكر ومرة يضيف ابن عباس ومرة موصولا ومرة مرسلا ومرة من مسند أبي بكر ومرة من مسند سعد ومرة من مسند عائشة ورواته كلهم ثقات لا يمكن الترجيح بينها .
4 ـ المتروك : وهو الحديث الذي يرويه الراوي المتهم بالكذب في حديث الناس أو المخالف للقواعد العامة ويقال له المطروح .
مثاله :
ما جاء عند ابن أبي الدنيا من طريق الجويبر بن سعد الأزدي عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا ( عليكم باصطناع المعروف فإنه يمنع مصارع السوء وعليكم بصدقة السر فإنها تطفئ غضب الله عز وجل ) فيه جويبر وهو متروك ضعفه الدارقطني وابن معين قالا ليس بشيء .
5 ـ الموضوع : وهـو المختلق المصنوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
مثاله :
ما جاء من طريق محمد بن سعيد الشامي ( المصلوب في الزندقة وضاع كذاب ) عن حميد عن أنس مرفوعا ( أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله ) , ذكره الحاكم في علوم الحديث .
6 ـ المعلّ: وهو الحديث الذي فيه علّه .
والعلّة : هي سبب غامض يقدح فـي صـحة السند مـع أن الضاهر سـلامته. وقـد تكون علّة قادحة وقـد تكون غـير قادحة والقادحة هـي المؤثرة كوصـل الموقوف ووقف الموصول وإسقاط الضعيف بين الثقتين ونحـوها وكـل مـن النوعين قد يكون ضاهرا وقد يكون خفيا .
ـ والمتقدمون كانوا يعلّون الحديث بالعلّة الظاهرة وغير الظاهرة والقادحة وغير القادحة .
مثاله :
ما جاء عند أبي داود من طريق عبدالسلام بن حرب عن الأعمش عن أنس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد حاجته لم يرفع ثوبه حتى يدنوا من الأرض ) معلّ بلأعمش لم يسمع من أنس المرفوع .
كتبه : الشيخ الفاضل ابو عاصم الغامدي حفظه الله تعالى